2020 في تونس.. سنة الجوائح المناخية والصحية والسياسية
حلقة وصل
استبشر التونسيون بحلول سنة 2020، وتغنّى الكثيرون في مطلعها بكمالها الذي تنبئ عنه أرقامها، فهي عشرون على عشرين (20/20)، كما استحسن الكثيرون لطافتها نطقًا ورسمًا وتقليبًا، فهي بسيطة سهلة السريان على الألسن خالية من التعقيد قوامها رقمان تربط بينها “التبادلية” وحسن الجوار، سواء قرأتهما من اليمين أو اليسار، صفر واثنان متتابعان تتابعًا يوحي بالتناسق والانتظام والتآلف والانسجام حتّى جاز الحديث عن “جمالية الأرقام”.
رغم الطابع التنجيمي لتلك التطلعات فقد وجدت صدى حسنًا في نفوس التونسيين دلّت على ذلك الصور المصاحبة لعبارات التهاني، وقد أبانت عن تفنّن استثنائيّ في رسم الرقمين المكونين لسنة 2020، ولمّا كانت الآمال حالمة محلقة في آفاق الخير والحق والجمال والأيام الحسان فلا بدّ أن تكون الصدمات قويّة عند الخيبة والعجز والخسران، لا عجب في ذلك، فكلّما اتسعت التطلعات زاد الشعور بالإحباط عند الفشل وتواتر الخيبات.
جحدنا نِعمتها.. فأرتنا نقمتها
خيبات التونسيين خلال سنة عشرين عشرين تخطّت معايير الكثرة والتنوّع لتدرك تخوم الخيال والغرابة والعجائبيّة، ورغم يقيننا بأنّ ترتيب هذه الخيبات يختلف خطورة حسب الجهات والمرجعيات والانتماءات فإنّ القراءة العلمية الموضوعية تقتضي تنزيل الجفاف في موضع الكارثة الأشدّ والأوضح، فهي تنذر بفاجعة اقتصاديّة وبيئيّة، لكنّ ما يرهق الباحث في هذه المعضلة هو أنّها لم تأخذ الحيّز المناسب من المتابعة والتفاعل الاجتماعي واقعيًا أو افتراضيًّا، فلا تكاد تشعر بالمأساة إلا حينما تنتقل إلى بعض الأرياف حيث ترى آيات القلق والخوف والانتظار في وجوه الفلاحين وأمارات العطش والشحوب في حركة المواشي وسكون الحقول ومنذرات القبح والتلاشي في صمت الوديان والشلالات وعلامات الوحشة والزوال في تجرد الرياض والبساتين من الحشائش والأزهار والرياحين.
الأرقام الرسمية تؤكّد هذه الملاحظات والانطباعات، فقد بلغت درجات الحرارة في جلّ الأشهر وكلّ الفصول ذروة الارتفاع، وتراجع منسوب الأمطار على امتداد السنة بشكل مفزع، وقد ذكر المعهد الوطني للرصد الجوي أنّ معدل متوسط الحرارة في ربيع هذه السنة قد ارتفع من 17.3 إلى 18.7 أي بزيادة 1.4، وأكّد نفس المصدر أنّ شهر ماي/ آيار هو الأشدّ حرارة والأقل أمطارًا منذ نصف قرن، وقد تواصلت هذه المحنة المناخية في الصيف إذ تخطّى معدّل الحرارة في جويلية/ يوليو المعدل العام بـ0.35 مدركًا 28.5، وقس على ذلك شهر أوت/ أغسطس، ففيه تجاوزت درجات الحرارة المعدل المرجعي بـ1.14 وتمّ خلال هذه الفترة تسجيل رقم قياسي يوم 20 أوت/ أغسطس الماضي ( 43 درجة تحت الظّل) ممّا جعله في المرتبة السابعة من حيث ارتفاع درجات الحرارة منذ سنة 1970.
بقلم: أحمد الزوابي
المصدر: صوت الترا تونس
التعليقات مغلقة.