هل تنجح مساعي الرئيس التونسي لاسترجاع الأموال المنهوبة؟
حلقة وصل
أعاد الرئيس التونسي، قيس سعيد، ملف الأموال المنهوبة بالخارج إلى واجهة الأحداث السياسية بعد ترؤسه، الأربعاء، لأول اجتماع للجنة المكلفة باسترجاع هذه الأموال الموجودة بالخارج.
ورغم تأكيد الرئيس سعيد على ضرورة تكثيف العمل لإحراز تقدّم في هذا الملف، فإن خبراء يشككون في إمكانية التوصّل إلى استرداد هذه الأموال لاعتبارات قانونية وأخرى تتعلّق بقصر الآجال.
تحركات تونسية
شدّد الرئيس التونسي، أثناء إشرافه، الأربعاء، على أوّل اجتماع للجنة المكلفة باسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج على “وجوب تكاتف الجهود في الداخل والخارج في هذا الظرف المالي الصعب الذي تمر به البلاد، وعلى ضرورة العمل ديبلوماسيا على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف مع إشراك المنظمات الدولية لاسترجاع الأموال المنهوبة، فضلا عن العمل على المستوى القضائي من خلال النظر في المسائل التي من شأنها أن تحل مشكل سقوط الآجال”.
وأضاف سعيّد في مقطع فيديو نشرته صفحة الرئاسة على شبكة فيسبوك، “من المؤسف حقا أن يطلب منك رئيس دولة أجنبية أن تعينه على استرجاع الأموال المنهوبة”، مؤكدا “أموالنا في الخارج كثيرة، وثروات كثيرة موجودة في الخارج وحقوق الشعب التونسي ضائعة في ظل حسابات تقوم للأسف على الطرح والقسمة للوصول إلى نتائج سياسية محسوبة من البداية”.
وأردف “تاه الطالب منذ 2015، وتذمرت منا الدول الأجنبية من عدم العمل لاسترجاع هذه الأموال المطلوبة”.
وكشف أنه “لم يتم استرجاع إلا النزر القليل من هذه الأموال، وقد توقفت الأمور تقريبا منذ 2015 وقد تم الاختيار على أحد مكاتب المحاماة وصُرفت مبالغ هامة لكن النتيجة كانت لا شيء باستثناء ما وقع استرجاعه وهو مبلغ لا يكاد يذكر”.
ويصطدم ملف الأموال المهربة إلى الخارج بعقبات وعراقيل إدارية وقانونية حالت دون استرجاعها واستثمارها في إنعاش الاقتصاد المتردي.
غياب الإرادة السياسية
وتعليقا على هذه التطورات، قال الوزير الأسبق لأملاك الدولة، حاتم العشّي، والذي سبق له أن اشتغل على هذا الملف، إن “تعطّل استرجاع الأموال المنهوبة يعود بشكل رئيسي إلى غياب إرادة سياسية لتحريكه”.
وأضاف العشّي، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أنه “تم تشكيل لجنة خاصة في العام 2011، وقد نجحت في استرجاع مبلغ من لبنان تبلغ قيمته نحو الـ32 مليون دولار، قبل أن تنتهي آجال اشتغال اللجنة ويتعطّل مشروع قانون لإحداث لجنة جديدة”
وبشأن الصعوبات التي واجهت عمل اللجنة أو المكلّف العام بنزاعات الدولة في هذا الملف، أشار العشّي إلى “اشتراط معظم الدول لإجراء محاكمة عادلة للمتهمين بتهريب هذه الأموال، من بينها صدور أحكام حضورية، وهو أمر لم يكن متوفرا في تونس”.
وشدّد العشي على “صعوبة استرداد الأموال الموجودة في أوروبا بالنظر إلى أن الآجال تنتهي في العام 2021″، مطالبا بـ”ضرورة بذل مجهودات ديبلوماسية إضافية لاسترجاع الأموال الموجودة في دول الخليج بالنظر إلى العلاقات المتميزة التي تجمع تونس بهذه الدول”.
“بيع الأوهام”
في المقابل، اعتبر خبير القانون العام، رابح الخرايفي، أن “تحريك سعيّد لهذا الملف يندرج في إطار الوعود الشعبوية التي لا يمكن تحقيقها”، واضفا العملية بـ”بيع الأوهام للشعب التونسي”.
وفسّر الخرايفي موقفه، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، بالقول إنه “لا يمكن تحديد قائمة المدانين بتهريب هذه الأموال كما لا يمكن حصر حجم الأموال أو أماكن وجودها بعد مرور سنوات على تهريبها”.
كما رجّح الخرايفي “حدوث عمليات تبييض لتلك الأموال إلى جانب نقل ملكيتها إلى شركات وأشخاص آخرين لتعقيد مسألة تتبعها”.
ومن الأسباب الأخرى التي تعقّد هذا الملف، وفقا للمتحدث ذاته، “ضرورة تكليف محامين ذوي خبرات عالية جدّا في هذه القضايا” مؤكدا أن “تكليف مكاتب محاماة أجنبية بهذا الملف يتطلب دفع تكاليف باهظة للغاية”.
المصدر؛ أصوات مغاربية
التعليقات مغلقة.