بقلم : حنان عباسي
روايةٌ تونسية بمذاقٍ غريب، تُخالف في مسيرها بنا كل أعراف القصّ التي انهمكنا في استهلاكها طيلة كتبٍ كثيرة. فالكاتب حسام بن عمار يُسبب لك صداعا مهيمنا على كل حواسك و أنت تتابع بطله الصحفي الذي استبد به أرقٌ شديد في موسم قيظ” لم تشهد مثله البلاد” فبدأ يبحث في أسبابه بعد أن تيقن أنه ليس الوحيد الذي ألقاه ” هذا الارتفاع الغريب في درجات الحرارة” في حضن معاناة مُضنية تفقد معها القدرة على النوم.
و من هنا يبدأ البحث و التقصي في ظاهرة السهاد التي استفحلت في المجتمع بعد تأكيد أفرادٍ كُثر لمُصابهم به و تشارُكهم نفس أعراضه. حيث تهيج بالبطل تلك الأعراض حتى تبلغ به بعد أحداثٍ تتواتر و تتصاعد إلى ارتكاب جريمتي قتلٍ لم يقصد في أيٍّ منهما الضرر بضحيته. لقد ألبس حسام بن عمار بطله ثوبا لم يكن ليليق به لولا أنه أقنعنا بأن للأرق سلطة تتجاوز قدرات الشخص العقلية و مستواه الفكري، فأن تتحول من صحفيٍّ بسيط يبحث في ظاهرة ما بالتحقيق و السؤال إلى مُجرمٍ يُحسن إخفاء آثار جريمتيه، فهذا ما لا تتوقعه
. رواية “السهاد” هي ثالث مواليد الكاتب الروائية إصدار دار نقوش عربية للنشر ، و الذي التقيناه في دردشةٍ أخبرنا من خلالها أنه مولع بالقصص البوليسية و هذا الولع حاول ترجمته من خلال “السهاد” في انتظار إطلاق سلسلة بوليسية تونسية قادرة على شد القارئ و إشعال جذوة فضوله.
و” السهاد” هنا تأكيدٌ جديد على أن الرواية التونسية بلغت من النضج ما يسمح لها باحتلال الركح المسرحي او شاشة السينما، فالقصة قابلة للتدوير و للمشاهدة. كما انها ليست الوحيدة التي تقدر إلى جانب عديد الروايات التونسية أن تُغنينا عن اقتباسات الأدب العالمي.
التعليقات مغلقة.