الترفيع في سعر الفائدة المديرية .. انعكاسات سلبية متواصلة
أعلن البنك المركزي التونسي أمس الثلاثاء 19 فيفري 2019 عن قرار رفع سعر الفائدة المديرية من 6.75 بالمئة إلى 7.75 بالمئة من ، لمواجهة التضخم المالي المرتفع.
و تعتبر هذه الزيادة الثالثة خلال 12 شهرا ، كما تكرّر اللجوء إليها سبع مرّات منذ سنة 2011 ، لم تنجح سوى ظرفيا في كبح النسق التصاعديّ لنسبة التضخّم والرجوع بها من 5.8% خلال الربع الاوّل من سنة 2015 إلى معدّل 4% خلال سنة 2016، لتخرج الأمور عن السيطرة مجدّدا خلال سنة 2016 وبداية سنة 2018، مسجّلة ارتفاعا متواصلا تجاوز 7% رغم الترفيع في نسبة الفائدة المديريّة خلال سنة 2017 مرتين متتاليتين في شهري أفريل وماي.
وقال البنك في بيان له امس أن استمرار الضغوط التضخمية يشكل خطرا على الاقتصاد وعلى المقدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يستدعي اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من آثاره السلبية.
و يرى الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان ان اللجوء الى الترفيع في سعر الفائدة هي محاولة لمقاومة التضخم المالي و هو اجبر على هذا القرار نظرا للوضع الاقتصادي السيء و ضغوطات صندوق النقد الدولي الذي يطالب البنك المركزي بمحاولة الحد من التضخّم المالي .
و اكّد سعيدان ان الوضع الاقتصادي و المالي في تونس سيء الى درجة ان أي اجراء معزول مثل هذا الاجراء لا يمكن ان يفضي الى النتائج المرجوة ، مشيرا الى ان انعكاسات ذلك ستون جد سلبية خاصة على وضعية المواطن التونسي من حيث القدرة الشرائية و ستزيد في كلفة القروض منها القروض القديمة ، اضافة الى تاثيرها على الزيادة في كلفة الانتاج بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية و هو ما سينجرّ عنه الترفيع في أسعار البيع وما من شانه ان يساهم في تغذية التضخم المالي .
و من الانعكاسات السلبية الاخرى ، اكّد عز الدين سعيدان أن هذا الرفع في سعر الفائدة سيتسبّب في ارتفاع كلفة الاستثمار و بالتالي انخفاض حظوظ تسريع حركة الاستثمار في تونس ، مضيفا أن هذا القرار من شأنه ان يؤدي الى مزيد الضغط على ميزانية الدولة التي تقترض بالدينار و هذا ما سيجعل كلفة الاقتراض أعلى .
و يرى مركز الدراسات الاستراتيجية و الديبلوماسية أن البيانات المتعلقة بمصادر النمو الاقتصادي في تونس تبرز أهمية الاستهلاك الخاص كمحرك أساسي قار للنمو الاقتصادي حتى في أحلك الفترات التي عاشتها تونس من جرّاء تراجع النمو في البلدان الأوروبية الشريكة. وبالتالي تكون سياسة البنك المركزي داعية إلى الانكماش الاقتصادي والذي قد يؤدي بدوره الى التسريع من نسق التضخم المالي وتواصل معدلات البطالة العالية و ليس كبح جماح الاقتراض والتقليل من نسبة السيولة في السوق الماليّة وبالتالي التخفيض من وتيرة القروض ومنها الموجهة للاستهلاك.
يذكر أن العديد من البنوك التونسية أعلنت في جوان 2018 عن امتناعها عن تطبيق قرار البنك المركزي برفع نسبة الفائدة، بمائة نقطة، معتبرة أن تطبيق الزيادة سيفاقم الصعوبات التي يواجهها التونسييون في خلاص أقساط قروضهم.
ودعت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية المصارف (جمعية المؤسسات المصرفية) إلى تعليق تطبيق الزيادة في نسبة الفائدة للبنك المركزي التونسي على قروض اقتناء وبناء مسكن، الموجّهة للأسر التونسية، بخاصة منها الطبقة الوسطى وذلك “لتأثر هذه الفئة بزيادة كلفة تمويل اقتناء وبناء المساكن”.
وفاء دعاسة
التعليقات مغلقة.