صحيفة الأهرام المصرية… حيث تتجسد روح الصحافة وتنبض ذاكرة الزمن
حلقة وصل – من القاهرة ضحى السعفي
لم تكن زيارتي إلى جريدة الأهرام مجرد جولة داخل مؤسسة إعلامية؛ بل كانت.عبورًا بين طبقات الزمن، ووقوفًا أمام تاريخ حيّ لا يزال يتنفس في ممرات واحدة من أعرق الصحف العربية والمصرية على الإطلاق. منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها إلى أروقتها، شعرت بأنني على موعد مع ذاكرة وطن وثقافة وإعلام شكّلوا وجدان أجيال.
في تلك الممرات التي احتضنت خطى العظماء، ترددت في داخلي أسماء رسخت قيم الصحافة ورفعت سقف الإبداع: إحسان عبد القدوس، محمد حسنين هيكل، طه حسين، صلاح جاهين وغيرهم ممن تتلمذنا على كلماتهم، ونهلنا من مدارسهم الصحفية الثرية. هنا كتبوا، هنا صاغوا أفكارهم، وهنا تحولت مقالاتهم إلى مراجع في الوعي العربي.
أكثر ما شدّني في الزيارة هو الغوص في الأرشيف التاريخي للأهرام؛ ذلك المكان الذي يشبه كنزًا لا يقدّر بثمن، يضم صورًا ومطبوعات ووثائق نادرة، وثّقت كل الأحداث الكبرى في مصر والعالم. صفحات تتجاوز قيمتها حدود الورق، وتتحول إلى شواهد على لحظات صنعت التاريخ.
أذهلني مشروع الترميم الحديث الذي تقوم به المؤسسة، حيث يعمل قسم كامل على صيانة هذا الثراء الورقي بحرفية عالية، ليضمن بقاءه للأجيال القادمة. لكن الدهشة الأكبر كانت عند معرفتي بأن الأهرام تعمل على رقمنة الأرشيف وتحويله إلى ملفات رقمية قادرة على الصمود لأكثر من خمسمئة عام… خطوة تعكس فهمًا عميقًا لدور الأهرام كذاكرة مستمرة لا تعرف الفناء.
وما أثار إعجابي أيضًا هو قدرة الصحيفة على إصدار كتاب كامل يوثق كل ما كتب عن أي دولة أو شخصية منذ تأسيسها وحتى اليوم، بما يملكه هذا الصرح من أرشيف ضخم ومنهجية متقدمة.
وفي ختام هذه الزيارة المؤثرة، لا يسعني إلا أن أتوجه بتحية شكر وتقدير إلى الصحفي القدير محمود النوبي الذي نظم لي هذه الجولة القيّمة، وإلى كل من رافقني واهتم بإطلاعي على أروقة هذا الصرح العظيم، مساهمين في جعل التجربة أكثر ثراءً وعمقًا.
التعليقات مغلقة.