بين النهضات احترق بوعزيزي الحركة

حلقة وصل – ريم الغيد سويد

عاشت العاصمة التونسية البارحة على وقع حادث أليم، ألا وهو إحراق المغفور له سامي السيفي لنفسه في مقر حركة النهضة الرئيسي بمونبليزير.
لن نعود عن تفاصيل الحادث الاليمة، وسائل الاتصال الاجتماعي وثقت كل شيء بالصوت والصورة: مشاهد رعب، أشخاص وقياديون متشبثون بغريزة الحياة ،رموا انفسهم غير عابئين بالاخطار المحدقة بهم أو بمن كان بجانبهم.
ولكن هذه الحادثة، التي زادت الطين بلة تصريحات رئيس الحركة عليها ،ليست إلا تسجيدا لنظرية النهضات، وربما آخر مسمار في نعش أسطورة الصفوف الموحدة التي سوقت لها الحركة منذ سنوات تحت راية ” الولاء والطاعة العمياء”
سامي السيفي رحمه الله هو الشرخ الذي كشف عورات حركة متآكلة من الداخل، قايض من قايض منها هروبه من تونس التسعينات وبطش بن علي ، وترك البقية في مواجهة مباشرة مع بطش النظام ، ممنيهم بالتعويض.
وإن تكونت نهضة في الهجرة ، أدخلت أطفالها إلى أحسن وأعرق المعاهد والجامعات في لندن وباريس ، بقيت نهضة الصقور، ونهضة القواعد في تونس، دليلا قاطعا على أن فكرة ” نحن سواسية في الإسلام وإخوة في الله ” ليست إلا حلما باعته القادة لتنويم القاعدة.
لا زلنا تتذكر كيف كما الغنوشي على الاعناق عند عودته إلى تونس، حاملا معه وعودا بغد أفضل وتعويض على سنوات الجمر لكل المناضلين دون فرق بينهم .
ولكن ، مثلما تعمقت الهوة الاقتصادية بين الاغنياء والفقراء في تونس ، تعمقت ايضا بين الصقور ، وقادة المهجر والأبناء والاصهار ، والقواعد من جهة أخرى ، التي يتم اسكاتها من مظاهرة الى أخرى بحفنة من الدنانير ،أو تتذكرهم الحركة بخروف من انتخابات إلى أخرى .
الواقع كان مختلفا تماما ، ففيما تنفق الحركة أموالا طائلة على مقراتها ونمط عيشها ، تثقل كاهل الدولة وتهددها بل تحملها مسؤولية نضالات قواعدها كل ما سنحت الفرصة للتملص من أن تدفع أموالا ليست حكرا عليها لمن كان عليها أن تقتسمها معها.
المرحوم سامي السيفي ليس أول من احتج في مقر الحركة ،كان هو من عبر خط اللارجوع بإحراق نفسه ،قبل أسابيع قليلة ، أحتجت مجموعة من شباب قال أنه عمل على حراسة الشيخ الشخصية لسنوات ، ولم يتم خلاص اجورهم منذ أشهر ، ثم الاستغناء عنهم دون سبق إنذار.
في نهاية الأمر ، تظهر الحركة كنموذج سياسي بحت لأي حزب استبد ووعد ولم يفي ،واستكرش على طريقة الاحزاب الواحدة ، والتصدعات التي اظهرها موت سامي السيفي رحمه الله، ليست إلا بداية النهاية، وإندلاع شرارة بوعزيزي النهضة .