آخر مصطلحات الإخوان .. إفساد الحياة السياسية
بقلم : رشيد الكرّاي
يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين وحزبها المسمّى في تونس حركة النهضة قد أعلنا عن إفلاسهما السياسي حتى بدأت هذه الجماعة وقياداتها المدمّرة تبحث عن مصطلحات جديدة علّها تحقق لها شيئا ما في ظل التراجع الكبير لشعبيتها وانهزامها السياسي الواضح بعد أن ذاب حراكها ورفض الشارع التونسي المشاركة فيه بالرغم من اختلافه ربّما مع السياسات الحكومية ، ولكنه يؤمن في نفس الوقت أنه غير معني بتمرير أجندات مشبوهة لجماعة تحاول أن تدمّر الوطن وتأخذه لتسلمه لأسيادها في العاصمة التركية أنقرة وسلطانها الجديد الحالم بعودة الخلافة العثمانية.
“إفساد الحياة السياسية” مصطلح جميل من الممكن أن يتم إطلاقه على مستحضرات الموالح أو المخلّلات في حال بقيت خارج المكان المخصص لها في المطعم ، وربما على طبق البيض في حال مرّ على إنتاجه أكثر من شهر في فصل الصيف ولم يتم تبريده ، وربما يطلق على الخبز في حال بقي خارج فضاء بارد لمدة ثلاثة ايام في فصل الصيف بحيث من الممكن أن نقول إفساد بيض الدجاج ، إفساد خلطة الموالح ، إفساد الخبز . لكن من الغباء جدا أن نطلق مصطلح “إفساد أو ترذيل الحياة السياسية” على العملية الديمقراطية أو حتى على المعركة السياسية كما يلوّك دائما رموز حركة النهضة كلّما ردّوا على خصومهم السياسيين وعلى رأسهم الحزب الدستوري الحر وزعيمته الشرسة عبير موسي ، فالعملية تبقى معركة سياسية ربّما فيه خاسر ومنتصر ، ولكن لا يمكن أن يكون فيها إفساد إلاّ اذا رافقها قتل وحرب ودمار وهدر لدماء أبناء الوطن لا سمح الله على الطريقة الليبية التي شهدت وتشهد مقتل الآلاف من المواطنين الليبيين ، ويصنّف التيار الإخواني بعضهم بأنهم ضمن قائمة الشهداء التي سيرفعونها لله تعالى في المستقبل على غرار قائمة الغفران عند البابا بينديكت السادس عشر .
إفساد الحياة السياسية مصطلح إخواني لا يعرفه الشعب التونسي فمن يتأمّل في المشهد الانتخابي والتحرك الحزبي يؤمن بأن الحياة السياسية لدى المواطن التونسي لم تفسد رغم مظاهر بعض القنوط ، لكن إذا تابعنا الحالة الإخوانية فربما هناك هزيمة سياسية وربما فساد للحياة السياسية داخل هذه الجماعة وحزبها ، والدليل الوثائق التي تنشر عبر وسائل الإعلام التي تتحدث عن انشقاقات وانقسام داخل الحركة الاسلامية إضافة إلى وثيقة المائة التي ضمّت مائة شخصية إخوانية ليست أسماء وهمية أو تكملة عدد في الجماعة وإنما رموز إخوانية من العيار الثقيل ، طالبت مرشد الجماعة الغنوشي بالالتزام بالنظام الداخلي للحزب وعدم التلاعب به والترشح مجددا لرئاسته .
لا بد لهذه الحركة الإسلامية أن تصحو من هذا الكبرياء الذي تعيشه وتدرك بأنها لم تعد تمرّر على الشعب التونسي شعاراتها الكاذبة والعاطفية فقد ذاب الثلج وبان المرج ، ولم يعد للعاطفة مكان عند شعب تسعة وتسعون بالمائة منه مسلمون ، يفترض فيهم من الأصل أن يكونوا أفضل من الإخوان ، وأكثر التزاما وحفظا لكتاب الله تعالى من باب التقوى لا من باب المتاجرة بالقرآن وربّ القرآن على غرار ما يحدث مع الإخوان . لا بد أيضا لحركة النهضة أن تصحو من الأوهام التي تعشعش في عقول قياداتها ، وتخيّم على أفكارهم وتصنع لهم قصورا في السّماء بعد أن تملّكوا الكثير منها على الأرض من أموال الخزينة والمجموعة الوطنية .
لا بد لهذه الحركة أن تعلن تونستها إن أرادت أن تكون فاعلا في المشهد الوطني التونسي وذلك بالإعلان صراحة عن الاستقلال التام عن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين ، وتطرد المستعمر الخارجي من دفاترها لعلّ وعسى يساهم ذلك التحرير بإعادتها الى الحضن التونسي وارتفاع شعبيتها بعد أن خسرتها ، بل باتت مهدّدة بأن تنقرض وتقتصر على أتباعها ممن يسمّون بالكتل العمياء التي تسير خلفهم دون أن يتعرّفوا على حقيقة هذه الحركة الإخوانية.
قال تعالى : ” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ“
التعليقات مغلقة.