حلقة وصل _
في تصريح جديد ومثیر قبیل أشھر قلیلة من إجراء الانتخابات الرئاسیة في تونس خلال شھر نوفمبر القادم، قال رئیس حركة النھضة الإسلامیة راشد الغنوشي الأحد إنه ”في صورة أن قررت الحركة عدم ترشیح أي شخصیة من داخلھا للانتخابات الرئاسیة القادمة، فإن دعم حمادي الجبالي يكون مطروحا في ذلك الوقت“.
أوضح الغنوشي في تصريح لإذاعة محلیة، إن حمادي الجبالي من أبناء الحركة التاريخیین لكنه انفصل عنھا وبالتالي لن يكون ھو مرشحھا. ويأتي التصريح اللافت الجديد، عقب الجدل الذي أثاره زعیم حركة النھضة مؤخرا، بقوله إن النھضة ما زالت بصدد البحث عن العصفور النادر لترشیحه للمنافسة في الانتخابات الرئاسیة التي ستجرى في 10 نوفمبر المقبل. لكن رغم تنويع زعیم حركة النھضة في تصريحاته وتسريعه في وتیرتھا في خطوة رأى فیھا الكثیر من المراقبین أنھا لا تعدو أن تكون سوى مناورة سیاسیة وجس نبض لبقیة الأحزاب السیاسیة، فإن الحركة الإسلامیة ما انفكت في كل مرة وفي أكثر من مناسبة تؤكّد أن مسألة ّ مرشحھا للانتخابات سینظر فیه مجلس الشورى أعلى ھیكل في الحزب.
وتشیر العديد من المراجع السیاسیة في تونس إلى أن التصريحات المتواترة لزعیم حركة النھضة تدخل في خانة خطة اتصالیة كاملة ھدفھا تعظیم مسألة الترشیحات لمنصب رئاسة الجمھورية، في المقابل تركز مجھوداتھا على الانتخابات التشريعیة التي سیطرت علیھا منذ عام 2011 أي بعد سقوط النظام السابق الذي قاده الرئیس الأسبق زين العابدين بن علي. ويفسر البعض الآخر، تطرق الغنوشي لمسألة دعم حمادي الجبالي من منطلق تطبیق سیاسة ”الأقربون أولى بالمعروف“ خاصة أن الحركة تعیش على وقع رياح دولیة وإقلیمیة تحاصر تیارات الإسلام السیاسي.
ويعد حمادي الجبالي من أھم القیادات التاريخیة لحركة النھضة وقد سبق له أن تقلّد منصب أمین عام للنھضة وكذلك أول رئیس حكومة منتخبة في تونس في أواخر 2011 ،لكن عقب الاغتیالات السیاسیة التي حصلت بتونس وراح ضحیتھا المعارضان السیاسیان شكري بلعید ّ ومحمد البراھمي استقال الجبالي من منصبه بعد ضغط شعبي وخاصة بعد فشله في تشكیل حكومة تكنوقراط لحل الأزمة التي عرفتھا البلاد في عام 2013. وفي مارس 2014 ،أعلن الجبالي عن استقالته من الأمانة العامة لحركة النھضة التي تولاھا من 2012 إلى 2014 . ولم يوضح في تلك الفترة أسباب قراره إلا أنه أكد أن قراره نھائي وأرجعه إلى أسباب ”ذاتیة وموضوعیة“.
وعاد الجبالي إلى الساحة السیاسیة مؤخرا، بإعلانه نیة الترشح للانتخابات الرئاسیة القادمة. وتشیر العديد من القراءات إلى أن رئیس الحكومة السابق ينزل للمنافسة على ھذا الاستحقاق مراھنا على القواعد الغاضبة من حركة النھضة بسبب تحالفھا عقب 2014 مع حزب نداء تونس وتحديدا مع الرئیس الباجي قائد السبسي. ويفسر بعض المراقبین، ترك راشد الغنوشي الباب مفتوحا أمام ّ حمادي الجبالي لإرضاء بعض القواعد التي تدعم الأخیر للعودة إلى المشھد السیاسي وخوض المنافسة في الانتخابات المؤدية إلى قصر قرطاج (قصر الرئاسة). ورغم كل ھذا الاھتمام الذي تظھره حركة النھضة بمسألة الانتخابات الرئاسیة، فإن أغلب الترجیحات تصب في خانة عدم ترشیحھا لاسم من داخلھا، وأنھا قد تقتصر على توجیه قواعدھا إلى التصويت لفائدة ّ مرشح تختاره مثلما حصل في انتخابات 2014 حیث دعم أنصار النھضة الرئیس الأسبق المنصف المرزوقي على حساب الباجي قائد السبسي.
في المقابل، تصنف تصريحات الغنوشي من قبل بعض المراقبین على أنھا تعبیر واضح عن انزعاج الإسلامیین من الشعبیة التي يحققھا رئیس الحكومة يوسف الشاھد مؤخرا خاصة بعد نجاحه في تأسیس تحیا تونس. ويعیش المشھد السیاسي في تونس مؤخرا، على وقع حملات انتخابیة رئاسیة مبكرة حیث أعلنت عدة أسماء عن ترشحھا للرئاسة منھا حمادي الجبالي وكذلك نبیل القروي صاحب القناة التلفزيونیة ”نسمة“، فیما لم يعلن الرئیس الحالي الباجي قائد السبسي عن نیته الترشح لولاية ثانیة بصفة رسمیة. في الطرف المقابل، أدى جدل الانتخابات الرئاسیة إلى بداية تفكك الجبھة الشعبیة وھي أكبر تجمع لأحزاب يسارية وقومیة، عقب استقالة 9 نواب من كتلتھا البرلمانیة بعد عدم توافق مكوناتھا على مرشح للرئاسیة خاصة بعد التنافس ومعركة كسر العظم بین الناطق الرسمي باسم الجبھة حمة الھمامي وكذلك النائب المنجي الرحوي، حول من سیكون مرشح الیسار للانتخابات الرئاسیة.
المصدر : العرب
التعليقات مغلقة.