شرود

بقلم : حنان عباسي

إلى انتصاف الدمعة و الابتسامة .. إليه ذاك الهادىء المجنون .. أُكتبني إن استطعت قصيدا و غنّني همسا إذا ما تطاولت أذنا الليل تستأذنان حلو صوتك أن يُطيل المقام .اختمني وشما على كتفك لا أفارقك ، و انصرف عن صمتك هذا فقد تماديت في شرودك حتى أدمن البحر نظره صوبك ، محدّقا ببلادة في عينيك الهائمتين تجُولُ بهما عوالم غامضة .. تعال إليّ و عُدني من رحلة التيهِ التي أبعدتك عني طويلا .. فجزءٌ مني يدعوك إلى كُلّي محموم الشوق .كم أمقت سكوتك الهازِىء بهدير شواعري ..

تعال و أنظر في المآقي الدامعة لتخبرك النظرات المتوسلة ما عجز اللسان الأبكم عن البوح به .. فيم تفكر ؟؟ فيمن ؟ فيّ ؟ ساحرتك المعطرة بشذى وردة زهرية ،حبيبتك الرجاء و آستجابة الدعوة الكافرة في صلاة فجر لم تكتمل ، آفة قلبك المتمرد. عمّ تبحث ؟ عمّن ؟ عني ؟ هل أضعتني بين الهنا و الهناك ؟ ها طال وجودي حتى أنكرته ؟ هل أرحل حتى تشتاق شوقي ؟ هل أخمش الرمل أحفره طريقا مائيا إليك و أدفنني حبّة توقٍ عساني أزهر شهوة مسعورة في خلاياك ؟ ماذا أفعل كي تعود إلى حضني طفلا مُشاغبا ، و أرافقك شاردة الروح يُلامسني الموجُ يحملني إليك لذةً بطعم الهبَل ..

يظل في هذيان صمته و أظل في حيرتي تستيقظ هنا بالعمق صور الأمس الغابر لِيهتف بي الحنين أينه ؟ و أحير جوابا .. ذاك وجهه الأسمر الذي عشقته مبتسما.. تلك عيونه العسلية التي غازلتني نظراتها المفتتنة..و هاته شفاهه التي غمّست فيها فمي أرشف عسلها مدرارا و مرارا ..هذا الحاضر الغائب يلاعبني الغميضة في غرفة مظلمة -طولها السماء و عرضها البحر-.. و أنا معصوبة القلب .. أتمرن البعد عسى الساعات التي تمضي ترحم لوعة وجدي .. أجاهد كيم أدفع نبضاتي المنهكة شوقا إلى الصبر و التجلد .. تنام هنا بالعمق أحلام ليالٍ دافئة مضت و أتت تعانق جسمي المرتعش ، أتوسد ذراعيك متدثرة السكينة .. و تعبث يداك بكل أنحاء ذاتي .. ترسم قبلات في دوائر عجيبة توزعها على اللحم الساخن .. تجاهرني بذلك الحب الصبياني الراكض في طريق اللذة و الراكب صهوة جواد عربي لا يعرف التعب ..

هيا ألسنا على موعد مع الواقع الراسي صخرة في طريق آمالنا ؟ هيا .. فقد حان موعد تسليم الأماني إلى جنود اليأس تسجنها دون محاكمة .. هيا أفق من غيبوبتك اللعينة فقد أمضيتها ساكنا كتمثال حجري قديم .. و كُفَّ عني شرودك البليد أذهب عنا بهجة اللقاء، غيّر مصائر العواطف و أرجأ متعة القرب إلى موعد غير محدد .. هيا آنتفض كنائمِ أفاق توا من سباته القصيّ و علّقْ قبلة وداع باردة على خدّي الذي أملحه الدمع و جففه الهواء.. و آمضِ في طريق أوهامك وحدك مصحوبا بلعنة صبابتي .