قمة تونس واعادة ترتيب الحال العربي
بقلم : باسل ترجمان
ثمان سنوات من الفوضى والخراب الذي لحق بالمنطقة العربية بعد ما سمي ظلما وعدوانا “الربيع العربي” الذي قاد لدمار وخراب وكسر لأواصر علاقات عربية بقيت رغم الخلافات والتباينات بين الأشقاء لا تخرج عن حدود عدم المساس بالثوابت.
أهم ما سيميز قمة تونس التي يمكن وصفها بالتاريخية العدد الكبير من القادة العرب ملوكا وامراء ورؤساء المشاركين بها والتي سيكون من اهم القضايا المطروحة على جدول اعمالها إعادة ترتيب المنهج المتعارف عليه تاريخيا باحترام الأهمية والأوزان السياسية للدول الكبيرة والفاعلة والذي اهتز في السنوات الاخيرة جراء تنطع دول صغيرة للعب أدوار اكبر من قيمتها وحجمها معتمدة على رضوخها للعب ادوار مشبوهة لصالح مشاريع لا تخدم المصالح العربية ومتوهمة منحها حضورا يفوق حجمها وقدرتها على الفعل ومستخدمة اطراف مشبوهة ومرتبطة بالإرهاب والتطرف لمحاولة تمرير مشاريع تفتيت واضعاف دول المنطقة وانهاكها أمنيا وعسكريا واقتصاديا .
في انتظار عقد القمة وما سينتج عن اجتماعاتها من قرارات يرى كثيرون انها ستكون مهمة وحاسمة وفي رسالة سياسية عالية الدقة في المعنى سيؤدي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز زيارة رسمية لتونس قبل يومين من القمة وهي الزيارة الاولى التي يؤديها لتونس وما تحمله من رسائل تهم اساسا العلاقات الثنائية بين البلدين واقليمية وتهم السعي الجاد للطرفين لإعادة الاستقرار المفقود في ليبيا ومحاولة تثبيت الأوضاع في منطقة المغرب العربي لمنع حدوث هزات تشكل تهديدا لتوجه مشترك بين البلدين بالسعي لحماية الأمن والسلم والاستقرار العربي والاقليمي والدولي.
علاقات تاريخية متميزة العلاقات التاريخية بين تونس والسعودية تعكس مستوى متميز من الرقي منذ استقلال تونس قبل 63 سنة، والزيارة التاريخية للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ستزيد من متانة وعمق التعاون المشترك خاصة والمملكة تدرك أهمية الحفاظ على استقرار تونس وحماية امنها وتعافي اقتصادها ولم تتوانى على امتداد تاريخ العلاقات بين البلدين في تجاهل الأوضاع في تونس او عدم التفاعل معها. الزيارة التي سيؤديها العاهل السعودي سيكون لها انعكاس مباشر على الأوضاع في تونس وخاصة الاقتصادية وشوارع تونس التي ازدانت بلافتات عملاقة ترحب بزيارته تعكس موقفا صادقا يجسد عمق العلاقات بين الشعبين والبلدين. رهانات كبيرة مشتركة بين البلدين على دعم وتعزيز التعاون المشترك وخاصة في المجالات التي تشكل صمام امان مشترك للأمن القومي العربي وليس خافيا على أحد أن التعاون الأمني بين البلدين المباشر أو عبر مجلس وزراء الداخلية العرب يشكل مثالا في مكافحة الجريمة المنظمة والحرب على الارهاب والتطرف وتدعيم العمل المشترك وتطويره سيكون ضمن اهتمامات قيادة البلدين.
وعلى امتداد تاريخ العلاقات بين البلدين شكل التعاون العسكري بين تونس والمملكة مثالا في المهنية والاحترام المتبادل بين الاشقاء ووقفت المملكة دائما داعمة للجيش التونسي وتطور التعاون لحدود تنفيذ مناورات جوية مشتركة مؤخرا بين القوات الجوية الملكية السعودية وسلاح طيران الجيش التونسي وتهدف هذه المناورات لدعم أواصر التعاون والعلاقات بين القوات الجوية في البلدين وصقل وتأهيل الأطقم الجوية من طيارين وفنيين وتبادل الخبرات في مجال الإمداد والإسناد الفني ولدعم قدرات الجيش التونسي في حربه التي يخوضها ضد الجماعات الإرهابية التي ابتليت بها تونس في السنوات السبع الاخيرة . التعاون الاقتصادي ومزيد دعم المملكة للاقتصاد التونسي الذي بدأ يتعافى سيكون ملفا مهما في الزيارة التي تستبق القمة والرهانات التونسية كبيرة على ما يمكن أن تقدمه للاقتصاد التونسي سواء بتطوير الاستثمارات السعودية بتونس أو بمزيد فتح الاسواق السعودية الكبيرة والمهمة للصناعات والمنتجات التونسية.
قمة اعادة التوزان ويبقى الأمل ان تكون زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لتونس ثم حضوره للقمة العربية فاتحة مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين وفي اعادة ترتيب البيت العربي الذي يحتاج بشدة وسرعة لإعادة الترتيب في ظل فوضى منظمة سعت أطراف لا هم لها سوى التخريب لنشرها وتعميم الفوضى والدمار فيه. الزيارة الهامة للعاهل السعودي الى تونس ومشاركته رفقة العديد من القادة والزعماء العرب الفاعلين والباحثين عن اعادة ترتيب العلاقات العربية على اسس صحيحة ووضع حد للممارسات العبث والفوضى التي نتجت عن مرحلة الفوضى الهدامة التي اوصلت المنطقة لحال من السوء لا يمكن السكوت عنه أو استمراره لفترة قادمة من أجل حماية الأمن القومي العربي ووقف نزيف الانهيار الذي اصابه.
التعليقات مغلقة.