بقلم : ريم قمري
هدد مؤخرا رئيس الولايات المتحدة ترامب بتعليق دفع المساهمة المالية الأمريكية في منظمة الصحة العالمية، وقال: “منظمة الصحة العالمية تنحاز للصين بصورة كبيرة، رغم أنها تلقت منا أموالا طائلة. وقد اثار هذا التصريح ردود فعل عالمية كثيرة، يشوبها الاستغراب والاستهجان والانتقاد. حيث اعتبرت الصين أن أي تعليق محتمل للمساهمات الأمريكية في ميزانية منظمة الصحة العالمية سيؤثر سلبا على مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد”،مؤكدة إلى أن “منظمة الصحة العالمية، منذ تفشى عدوى فيروس كورونا، لعبت دوراً مهماً في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة انتشار الوباء، وحصلت على احترام وتقدير المجتمع الدولي بأسره”.
وأكدت الصين عبر قنواتها الديبلوماسية أن “الجانب الصيني سيواصل دعمه القوى لعمل منظمة الصحة العالمية ودعم الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية في تنسيق التعاون الدولي لمكافحة انتشار الوباء”. من ناحيتها دعت الخارجية الروسية الى عدم تسيس أزمة وباء كورونا ورأت الخارجية الروسية في بيان أن أزمة كورونا “تمثل تحدياً عالمياً للمجتمع الدولي بأسره، مشيرةً إلى أن ذلك “يتطلب إجراءات منسقة من جميع الدول.
من ناحيتها ردت منظمة الصحة العالمية على تهديدات ترامب وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوج: “نحن الآن في مرحلة حادة من تفشى وباء كوفيد-19. الآن ليس الوقت المناسب لخفض التمويل”، مشددا على أن الوقت الحالي أكبر من أي خلاف.
ترامب يسيس فيروس كورونا
حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهنوم غيبريسوس، من خطورة تسييس جائحة كورونا.
وقدم غيبريسوس، في مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء الماضي، نصيحة للرئيس الأمريكي، تتكون من 3 نقاط هي ”أولا، من فضلكم، الوحدة على المستوى الوطني، دون أي استخدام لـCOVID-19 لأهداف سياسية”. وتابع: “ثانيا، التضامن النزيه على النطاق العالمي. وأخيرا القيادة الصديقة من قبل كل من الولايات المتحدة والصين”. وأضاف غيبريسوس أن “الموارد لن تكون مشكلة بالنسبة إلى المنظمة في حال وجود الوحدة والتضامن”، معربا عن شكره للولايات المتحدة على “الدعم السخي” التي قدمتها حتى الآن، آملا في استمرار الدعم من قبل كل الأطراف.
ونفى غيبريسوس صحة الانتقادات الموجهة إلى المنظمة من قبل ترامب بالانحياز إلى الصين، وقال في هذا السياق: “نحن قريبون من كل شعب، لا نميز بين الألوان”.
هل منظمة الصحة العالمية مؤهلة للتعامل مع جائحة كورونا؟
ان الحرب التي تخوضها معظم دول العالم، ومن خلفها منظمة الصحة العالمية، معركة كبرى في مكافحة جائحة كورونا. لكن في وسط تلك المعركة، تواجه منظمة الصحة العالمية، حربا أخرى مع دو العالم خاصة العظمى بمختلف سياساتها، واتهامات بمحاباة دول على حساب دول، أو التستر على أرقام خاصة بدول أخرى.
ويظهر ذلك بصورة جلية في التصريحات الانتقادية الكبرى، التي فجرها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وهجومه الشرس على منظمة الصحة العالمية ايضا في السابق الاتهامات التي وجهها ملالي إيران للمنظمة بسبب كشفها عن مساعي السلطات الإيرانية إخفاء أرقام خاصة بضحايا كورونا. ويبدو ان المشكلة تتمثل في أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريوس معروف عنه انه شخص هادئ الطباع ويسعى دوما إلى تهدئة أي أزمات في عصر هو عصر الأزمات والصراعات بلا منازع.
وفي الواقع تجدر الاشارة هنا ان المنظمة ستواجه صعوبات مادية كبيرة إذا ما نفذ ترامب تهديداته خاصة انا الولايات المتحدة هي اليوم الممول الكبير لمعظم المنظمات الدولية، بينما يتمحور الكوكب كله حول الصين كقوة اقتصادية كبري هامة. في هذه الأثناء، تكافح منظمة الصحة العالمية بشدة لجعل دولها الأعضاء الـ 194 تتبع إرشاداتها بالفعل وتبذل قصرى جهدها لاحتواء الازمة وتطويقها وايجاد الحلول الناجعة طبيا لمواجهة الوباء العالمي.
قادة منظمة الصحة العالمية ” محبطون للغاية
وقد كان جون ماكنزي، عالم الفيروسات والمستشار في لجنة الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صرح،” إن قادة منظمة الصحة العالمية ” محبطون للغاية”. وتابع “الرسائل تخرج بصوت عال وواضح، والبعض يتجاهل التحذيرات فعلت الولايات المتحدة إلى حد ذلك، و ايضا المملكة المتحدة”.
وتجدر الاشارة انه يوم 11 مارس، وهو اليوم الذي أعلن فيه تيدروس أن الفيروس التاجي هو جائحة، تحدث عن “مستويات مقلقة من التراخي” من طرف العديد من البلدان وخاصة الدول الأعضاء”. منظمة الصحة العالمية سلطة ضعيفة والواضح اليوم بشكل جلي هو ان منظمة الصحة العالمية على الرغم من كل المسؤولية الموكلة اليها لا تمتلك سلطة حقيقة قوية والزامية وهو ما يجعل اغلب توصياتها وقرارتها. فعلى عكس الهيئات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، فإن منظمة الصحة العالمية، وهي هيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، ليس لديها القدرة على إلزام أعضائها أو معاقبتهم.
التعليقات مغلقة.