بقلم: كمال بن يونس
وجه الناخبون رسائل قوية وواضحة إلى كل السیاسیین وقیادات الأحزاب والمجتمع المدني بمناسبة الانتخابات التي نظمت في بلدية سوق الاحد من ولاية سیدي بوزيد.. ھذه الرسائل تذكر بالانتخابات البرلمانیة الجزئیة التي نظمت في ألمانیا العام الماضي وأسفرت عن فوز المرشح المستقل ياسین العیاري على مرشحي الأحزاب الكبرى ، التي انفقت مئات الملايین .. وكان بینھا وقتھا “نداء تونس ” قبل انشقاق انصارالسید يوسف الشاھد ثم تفرقعه منذ مؤتمر المنستیر .. وھنا يجدر تفكیك الرسائل الخطیرة التي وجھھا الناخبون الى الاطراف السیاسیة والمجتمعیة بمناسبة انتخابات سوق الاحد سیدي بوزيد من بینھا :
– أولا ، رغم حدة المنافسة و مشاركة حزب النھضة في العملیة الانتخابیة ،خلافا لما حصل في ألمانیا ، قاطع الاقتراع حوالي ثلثي المرسمین ، لذلك كان نصیب كل القائمات الفائزة مئات من الأصوات لا غیر، بما فیھا قائمة حركة النھضة ( 640 صوتا ) وقائمة ” التیار الديمقراطي” ( 504 صوتا ).. بما يذكر بنسب تحصل علیھا عادة القائمات المتنافسة في انتخابات المجالس العلمیة للطلبة في الجامعة ؟؟ ولا شك أن احساس غالبیة التونسیین بالیأس والاحباط بسبب استفحال الازمات والمشاكل الموروثة عن مرحلة ما قبل 14 جانفي 2011 من بین عوامل عزوف الناخبین عموما والشباب خاصة عن التصويت
– ثانیا ، رغم انضمام غالبیة القیادات السابقة في حركة نداء تونس وفي حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وحلفائه في المشھد الحزبي السیاسي الحالي إلى حركة ” تحیا تونس” بزعامة يوسف الشاھد وسلیم العزابي ، فلم تفز قائمته الا بالمرتبة الثامنة وب340 صوتا . وھذه النتیجة تكشف أن ھذه الحركة التي ترشحھا استطلاعات الرأي للفوز بالرئاسة والاغلبیة البرلمانیة في أكتوبر ونوفمبر القادمین في حاجة إلى نقد ذاتي ومراجعات كثیرة لحساباتھا وأولوياتھا وخطة عملھا . نسبیا للرأي العام الغاضب على الائتلاف الحاكم بكل مكوناته وللمعارضة ، من خلال فوزه بالمرتبة الثانیة .
ثالثا ، تأكید تزعم حزب ” التیار الديمقراطي” بزعامة السادة محمد عبو وغازي الغرايري ومحمد الحامدي في ھذه الانتخابات الجزئیة . اثنین لكن لا يؤھل المستقلین لمنافسة الأحزاب وماكینتھا الانتخابیة التي سوف تصبح أكثر نجاعة فيرابعا ، تشرذم القائمات المستقلة وصراعات الزعامة داخلھا قد يفید بعضھا في الحصول على مقعد أو الانتخابات البرلمانیة والرئاسیة التي تحتاج ” ماكینة ” مالیة واعلامیة وتنظیمیة جھوية ووطنیة يفتقدھا أغلب المستقلین .. ++ وھل يمكن أن تستفید ” الاطراف الشعبوية ” ، من ھذه المعطیات في الانتخابات الرئاسیة والبرلمانیة القادمة ؟ كل الفرضیات واردة .. لكن يبدو أن غالبیة الشعب بلغت درجة من النضج والوعي تؤھلھا لتجنب ” ردود الفعل الغبیة ” ومن بینھا الرد على غلطات الحكومات المتعاقبة عبر انتخاب من ھم أكثر بؤسا وفسادا وأقل خبرة في تسییر شؤون الادارة والاقتصاد والبلاد .. ما ھو المخرج إذن
الاجابة رھینة عوامل كثیرة من بینھا قدرة القیادات النقابیة و الاطراف السیاسیة الكبرى على فتح حوار معمق يشمل الخبراء النزھاء والمستقلین والكفاءات من مختلف الالوان لضمان تحقیق الاھداق التالیة
: – أولا ، التفاعل مع دعوات قیادات اتحاد الشغل والفلاحین والصناعة والتجارة واطراف نقابیة نزيھة الى تفعیل ” المیثاق الاجتماعي ” والحوار بین الاطراف الاجتماعیة ، لمنع البلاد من الانزلاق نحو مزيد من الفوضى والتھريب والجريمة المنظمة والعنف ..والمشاريع السیاسیة الشعبوية و الانتھازية وشخصنة الحیاة السیاسیة
– ثانیا ، اعادة ترتیب الاولويات من خلال مزيد الاھتمام بالمشاغل الحقیقیة للشعب وبینھا الفقر والبطالة وتدھور الخدمات العمومیة والارتفاع المفزع للاسعار بینما اصبحت اجور التونسیین ” الاضعف في العالم ” ، حسب امین عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي .
– ثالثا ، توحید الوطنیین المؤمنین قولا وفعلا بحاجة البلاد الى التغییر والاصلاح ضد المافیات واللوبیات التي تدفع البلاد نحو مزيد من المستنقعات والخراب.. أمل ھل يتحقق ؟ النخب مطالبة بالنقد الذاتي والتوحد قبل فوات الأوان ..
المصدر : الصباح نيوز
التعليقات مغلقة.