تونس و مهرجان كان السنمائي .. قصة تعود الى 61 سنة
حلقة وصل _ وات
تحتفي السینما التونسیة بحضورھا الحادي والستین في مھرجان كان السینمائي الذي تلتئم دورته الثانیة والسبعون من 14 إلى 26 ماي 2019. تعود مشاركة السینما التونسیة في مھرجان كان السینمائي إلى سنة 1958 ،وذلك من خلال فیلم “جحا” للمخرج التونسي ذي الأصول الفرنسیة “جاك بارتیي” الذي فاز بجائزة السینما الدولیة في المسابقة الرسمیة للأفلام الطويلة، وصولا إلى “حیاة أدال” لعبد اللطیف كشیش الذي توج بالسعفة الذھبیة 2013 .
وتسجل تونس عودتھا بقوة ھذا العام سواء من خلال الحضور في المسابقات الرسمیة أو في الأقسام الموازية. فلأول مرة في تاريخ السینما التونسیة تشارك تونس في مھرجان كان السینمائي بستة أفلام (5 أفلام طويلة وفیلم قصیر) في ستة أقسام مختلفة في أكبر موعد سینمائي دولي، وھو رقم قیاسي لم تسجله السینما التونسیة ولا العربیة من قبل، وھو أيضا ما يضاعف حظوظ تونس في الفوز بجوائز الدورة. وبمناسبة الدورة 72 أعد المركز الوطني للسینما والصورة (تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافیة) برنامجا متنوعا سیحتضنه الجناح التونسي بالقرية العالمیة ريفییرا حیث ستقام عدة فعالیات تتعلق بالخصوص بمھرجان السینما المتوسطیة “منارات” ومھرجان أيام قرطاج السینمائیة 2019 ومھرجان السینما التونسیة .
كما سیستضیف الجناح التونسي الاجتماع الدوري لأعضاء ھیئة مراكز السینما العربیة واجتماع الھیئة المديرة والمشرفین على برنامج Sentoo فضلا عن احتضان الجناح التونسي لأنشطة البعثة الفلسطینیة من خلال استضافة حدثین سینمائیین “event meet to come” “N.African coproduction meetings” و وعرفت السینما التونسیة على مدى 61 سنة من المشاركة في أعرق المھرجانات السینمائیة، سنوات مجد خاصة بین 1970 و1994 وسنوات محتشمة بین سنتي 2000 و2003 .
وبعد غیاب سنة 2015 ھاھي تسجل عودتھا بقوة سنة 2019. ولم يقتصر حضور السینما التونسیة في مھرجان كان منذ الخمسینات على المسابقات الرسمیة الكبرى للأفلام الطويلة (وتمكنت من الفوز فیھا بثلاث جوائز) بل نجدھا حاضرة بقوة في الأقسام الموازية سواء في “أسبوع النقد السینمائي” أو”نظرة ما” أو”نصف شھر المخرجین”. وتعد المشاركة التونسیة في الأقسام الموازية مھمة لأنھا تمكّن من التعريف بالأفلام القصیرة والترويج لھا في سوق الأفلام، وھو ساعد على الترويج للأفلام القصیرة عبر سوق الأفلام الجناح الخاص بتونس الذي تم تركیزه منذ سنة 2007 من قبل وزارة الشؤون الثقافیة والذي تتولى الإشراف علیه الیوم الوزارة ممثلة في المركز الوطني للسینما والصورة.
ولم تقتصر مشاركة تونس في “مھرجان كان” على عرض الأفلام فحسب، بل شملت أيضا حضور سینمائیین تونسیین في اللجان التحكیمیة للمھرجان (سینمائي وسینمائیة). وقد حظیت السینما التونسیة بشرف التكريم في ھذا المھرجان سنة 2011 ،ونال شرف التكريم (من قبل المنظمة الدولیة للفرنكوفونیة)، مؤسس أيام قرطاج السینمائیة سنة 1966 وأول مدير للوكالة الفرنكفونیة للتعاون الثقافي والفني الطاھر شريعة، وذلك ضمن قسم “سینماءات العالم” وفي إطار دعم ھذه المنظمة لسینما الجنوب. وضمن أبرز محطات السینما التونسیة في ھذا الموعد السینمائي الدولي الھام، فازت تونس في أول مشاركة لھا، سنة 1958 ،بجائزة السینما الدولیة في المسابقة الرسمیة للأفلام الطويلة عن فیلم “جحا” للمخرج “جاك بارتیي”.
ووضع ديكور ھذا العمل الرسام التونسي الكبیر جورج كسكاس. وتم إنتاج الفیلم بدعم من بشیر بن يحمد رئیس مدير عام مجموعة “جون افريك” الذي كان حینھا أول وزير للإعلام تحت الحكم البورقیبي، وأصغر الوزراء سنا (26 سنة) . ويتمحور ھذا الفیلم حول تجذير الثقافة العربیة بحسب ما كشفه شريط ھذا الفیلم-الكنز الذي عثر علیه المخرج التونسي فريد بوغدير. وتم عرض النسخة المرممة الرقمیة لھذا الشريط خلال عرض خاص في مھرجان كان 2013 من قبل بوغدير والممثلة الفرنسیة المولودة في تونس كلاوديا كاردينال التي لعبت دور البطولة في ھذا الفیلم الى جانب الممثل عمر الشريف، وقد لعبت دور الراقصة التونسیة “زينة بوزايد”.
وجددت السینما التونسیة حضورھا في كان سنة 1970 من خلال شريط “حكاية بسیطة كھذه” للمخرج عبد اللطیف بن عمار في المسابقة الرسمیة للأفلام الطويلة. وسنة 1977 ،سجل المخرج رضا الباھي حضوره في قسم “نصف شھر المخرجین” من خلال فیلمه “شمس الضباع”. ّ وجدد المخرج عبد اللطیف بن عمار مشاركته في ھذه التظاھرة العريقة سنة 1980 ،من خلال عمله “عزيزة” في تظاھرة “نصف شھر المخرجین”، وقد ساھمت ھذه التظاھرة في التعريف بعديد السینمائیین في بداياتھم من بینھم المخرج الراحل يوسف شاھین. وفي سنة 1982 ،شارك المخرج الطیب الوحیشي في قسم “أسبوع النقد السینمائي” بفیلمه “ظل الأرض”.
وقدم فريد بوغدير عمله “كامیرا إفريقیة” في قسم “نظرة ما” سنة 1983 وسیعید ھذا العام تقديم الفیلم ذاته ضمن قسم “كلاسیكیات كان” . وعاد المخرج رضا الباھي للمشاركة في المھرجان سنة 1985 من خلال فیلم “الملائكة” الذي تم عرضه ضمن قسم “نصف شھر المخرجین”. سجل مشاركة فیلم “كامیرا وفي سنة 1986 تمثّلت المشاركة التونسیة في فیلم “رجل الرماد” للنوري بوزيد، وقد تم تقديمه في قسم “نظرة ما”، وھذا القسم أيضا عربیة” لفريد بوغدير سنة 1987. وسنة 1989 شاركت تونس بفیلمي “عرب” للفاضل الجعايبي والفاضل الجزيري، و”صفائح من ذھب” للنوري بوزيد، وقد ّ تم عرض الشريطین في قسم “أسبوع النقد السینمائي”. واقتصرت المشاركة التونسیة سنوات 1990 و1991 و1992 على قسم”نصف شھر المخرجین” من خلال أشرطة “حلفاوين” لفريد بوغدير و”شیشخان” للثنائي الفاضل الجعايبي ومحمود بن محمود، بالإضافة إلى فیلم “بزناس” للنوري بوزيد. وسجل المخرج فريد بوغدير حضوره سنة 1991 في عضوية لجنة تحكیم مسابقة الأفلام الطويلة. وتم تسجیل أول حضور للمرأة السینمائیة التونسیة في مھرجان كان سنة 1994 متمثلة في المخرجة مفیدة التلاتلي التي قدمت فیلمھا “صمت القصور” ضمن قسم نصف شھر المخرجین. ثم عادت سنة 2000 لتقديم فیلمھا “موسم الرجال” ضمن قسم “نظرة ما”.
وفي سنة 2001 ،سجلت التلاتلي حضورھا مرة أخرى في مھرجان كان من خلال عضويتھا للجنة تحكیم المسابقة الرسمیة للأفلام الطويلة. وفي السنة نفسھا حضرت السینما التونسیة في قسم “نصف شھر المخرجین” بفیلم “فاطمة” للمخرج خالد غربال. وتمثّلت المشاركة التونسیة سنة 2006 ،في حضور مجموعة من الأفلام في قسم “اكتشافات” الذي أحدثته إدارة مھرجان كان السینمائي سنة 2005 وألغته سنة 2007 .ومن أھم الأفلام التونسیة الحاضرة في ھذا القسم، شريط “كحلوشة” لنجیب بلقاضي و”خشخاش” لسلمى بكار، فضلا عن عدد من الأشرطة القصیرة لمخرجین شبان منھم أمین شیبوب وولید الطايع وغیرھم من السینمائیین الموھوبین. سنة 2007 تم تركیز الجناح التونسي من قبل وزارة الثقافة بھدف التعريف بالأفلام التونسیة والترويج لتونس كفضاء لتصوير العديد من الأفلام العالمیة الكبرى. وفي سنة 2009 ،تمت دعوة المخرج فريد بوغدير لیكون عضوا في لجنة تحكیم الأفلام القصیرة. وسنة 2011 سجلت تونس حضورھا في مھرجان كان بشريط “لا خوف بعد الیوم” لمراد بالشیخ ضمن قسم “نظرة ما”. وتم في العام ذاته تكريم مؤسس أيام قرطاج السینمائیة (1966 (الطاھر شريعة ضمن قسم “سینماءات العالم”.
وبالتنسیق مع جمعیة السینمائیین التونسیین والغرفة النقابیة للمنتجین التونسیین، تم يوم 13 ماي 2011 تنظیم يوم تكريمي تابع خلاله الجمھور مقتطفات من فیلم “الطاھر شريعة: تحت ظل الباوبات”. وفازت تونس سنة 2013 ،بالجائزة الكبرى للمھرجان والمتمثلة في السعفة الذھبیة التي آلت إلى فیلم “حیاة آدال” للمخرج عبد اللطیف كشیش. وسنة 2014 شاركت تونس لأول مرة بجناحین أحدھما في القرية الدولیة والثاني في سوق الأفلام. وفي ھذه الدورة قدمت المخرجة كوثر بن ھنیة العرض العالمي الأول لفیلمھا “شلاط تونس” خارج مسابقة الدورة 67 لمھرجان كان وذلك الأقسام الموازية باقتراح من الجمعیة الفرنسیة نشر السینما المستقلة “أسید”. وغابت السینما التونسیة سنة 2015 عن المشاركة في كان قبل أن تشارك من جديد سنة 2016 بالشريط القصیر “علّوش” للطفي عاشور وقد مثل ھذا الفیلم آنذاك تونس والقارة الإفريقیة في مسابقة الأفلام القصیرة للمھرجان سنة 2016. وعادت السینما التونسیة من جديد للمسابقة الرسمیة سنة 2017 ضمن قسم “نظرة ما” من خلال شريط “على كف عفريت” لكوثر بن ھنیة.
وعلى ھامش مھرجان كان توّجت السینما التونسیة سنة 2017 أيضا بجائزة النقاد السنوية (التي ينظمھا مركز السینما العربیة) لأفضل ممثل التي آلت لمجد مستورة عن دوره في شريط “نحبك ھادي” للمخرج محمد بن عطیة. وسنة 2018 شاركت تونس من خلال المركز الوطني للسینما والصورة، حیث افتتحت تظاھرة نصف شھر المخرجین ببرنامج “تونس فاكتوري” الذي يضم أربعة أشرطة روائیة قصیرة ھي “قانون الصمت” لمريم الفرجاني والفرنسي مھدي حمنان و”لیالي لیلى” للثنائي إسماعیل (تونس) والإيرانیة فاطمة أحمدي، و”العصفور الأزرق” لرفیق عمراني (تونس) و”سوبا سیفاكوماران” من سیريلانكا، بالإضافة إلى فیلم “خوذ عیني…” للمخرجة التونسیة أنیسة داود والأفغاني “أبوزار آمیني”. كما سجلت السینما التونسیة حضورھا من خلال فیلم “ولدي” للمخرج محمد بن عطیة ضمن تظاھرة نصف شھر المخرجین. سنة 2019 : السینما التونسیة تحطم كل الأرقام القیاسیة للسینما العربیة في الدورة 72 لمھرجان كان من خلال مشاركة ما لا يقل عن خمسة أفلام طويلة في مختلف الأقسام منھا فیلمان طويلان في المسابقات الرسمیة يحملان توقیعي سینمائیین تونسیین كبیرين وھما فیلم Intermezzo للمخرج عبد اللطیف كشیش، وھو الجزء الثاني لفیلم “مكتوب حبي” (2018 (وفیلم “كامیرا افريقیة” للمخرج فريد بوغدير الذي تم اختیاره للمشاركة في قسم “كلاسیكیات كان” وھو قسم يكتسي أھمیة كبرى حیث دأب المھرجان على تخصیصه لأھم الأعمال السینمائیة في تاريخ الفن السابع.
وضمن الأقسام الموازية تسجل تونس حضورھا سنة 2019 أيضا في قسم “نصف شھر المخرجین” من خلال فیلم “طلامس” لعلاء الدين سلیم. كما تشارك مخرجتان تونسیتان من أصل تونسي بأول عمل لھما، إذ تشارك حفصیة حرزي بفیلم “أنت تستحق الحب” الذي سیقع عرضه ضمن قسم “أسبوع النقاد”، وتقدم المخرجة منیة شكري فیلمھا “زوجة أخي” الذي سیعرض ضمن قسم “نظرة ما”. وإلى جانب الأفلام الطويلة تحضر السینما التونسیة ھذا العام أيضا من خلال فیلم وثائقي قصیر بعنوان “الفولاذ” لمھدي ھمیلي وھو فیلم في طور الإنجاز سیقع عرضه ضمن قسم “فابريكا السینما” في إطار ورشة دعم المشاريع من قبل المنظمة الدولیة للفرنكفونیة والمعھد الفرنسي بتونس. كما تم الإعلان عن ترشیح الممثلین التونسیین أحمد الحفیان ومحمد الظريف لنیل جوائز النقاد (في دورتھا الثالثة) التي يمنحھا مركز السینما العربیة على ھامش فعالیات مھرجان كان السینمائي في دورته الثانیة والسبعین التي ستلتئم من 14 إلى 25 ماي 2019
التعليقات مغلقة.