نتنياهو الأوفر حظا لتشكيل الحكومة
بقلم : عمر حلمي الغول
إنفض السامر، وإنجلت الغيوم، وظهر الدخان الأسود في نتائج الإنتخابات الإسرائيلية للكنيست ال21، حيث أظهرت المعطيات ان حزب الليكود حصل مبدئيا وبعد فرز 97% من مجمل الأصوات على 35 مقعدا في البرلمان، وكتل اليمين بمجموعها حصلت على 65 مقعدا مقابل 55 مقعدا لما يسمى بالوسط والكتل العربية معها بزعامة تكتل “أزرق أبيض”، الذي حصد 35 مقعدا أيضا.
في ضوء ما تقدم، وعلى فرض برز تباين نسبي في الأصوات المتبقية، فلن تؤثر على المعادلة الحزبية والسياسية في دولة الإستعمار الإسرائيلي، لإن الإتجاه العام لسياسات الليكود، وإئتلافه اليميني المتطرف المنتهي ولايته، مازالت هي، التي تنظم التوجهات الإسرائيلية العنصرية والمتطرفة، وبالتالي الخارطة الحزبية إجمالا حافظت على تفوق اليمين واليمين المتطرف، رغم غياب بينت وشاكيد (اليمين الجديد، وفاغلين (الكهاني(.
وعليه فإن هذا التطور سيطرح اكثر من سيناريو لتشكيل الحكومة الخامسة بقيادة بنيامين نتنياهو، فأما ان يرضى جماعات اليمين واليمين المتطرف من خلال زيادة حصصهم المالية، وخاصة جماعة الحريديم، ووفق بعض التقديرات ستصل إلى 14 مليار شيكل، بدل تسعة مليارات، كما كان في الحكومة السابقة، إضافة للرضوخ لإجنداتهم المتعلقة بالتجنيد، وما يتعلق بالسياسات التربوية، والإستيطان الإستعماري في الضفة .. إلخ وإما ان يذهب للتحالف مع غانتس. لا سيما وانهما ليسا بعيدين عن بعضهما البعض في السياسة العامة، وعلى ارضية تبادل رئاسة الحكومة. وهو ما يمكن ان يخشاه نتنياهو، لإعتقادة ان تكتل غانتس يمكن أن يغدر به، ويدفع به إلى زنازين السجون إرتباطا بقضايا الفساد، التي مازالت بمثابة كوابيس تطارده في حله وترحاله.
تبقى إمكانية ممكنة، وهي سيناريو واقعي ايضا، ان لا يتمكن نتنياهو من تشكيل الإئتلاف المناسب، فتذهب بعض الكتل إلى جانب غانتس وتكتل أزرق أبيض، ومنهم على سبيل المثال ليبرمان، الذي بدأ مباشرة يضع شروطه على نتنياهو، وخاصة ما يتعلق بملف غزة وحركة حماس، وموقع زعيم إسرائيل بيتنا في الوزارة، وكذلك عدد المواقع الوزارية، التي يريدها لإقرانه من حزبه. فضلا عن الثمن المالي، الذي سيطالب به. السيناريوهات الثلاثة واقعية، وقابلة للحدوث في المشهد الحالي.
مع ان نتنياهو سيعمل بكل الوسائل، وسيدفع كل الأثمان المطلوبة للبقاء في سدة الحكم، لإنه يخشى إن لم يدفع الأثمان، وكان في المعارضة، ان يكون مصيره السجن، وتراجع مكانته داخل الليكود، وفي المشهد الإسرائيلي عموما، وهو ما يرفضه من حيث المبدأ. في كل الأحوال الخارطة الحزبية الناشئة عن الإنتخابات الحالية، تشير إلى ان اي حكومة قادمة، واي كان الإئتلاف الحاكم لن تصمد طويلا، وبالتالي هناك فرضية، ان تجري إنتخابات برلمانية بعد سنتين من الآن. وبشأن المستقبل السياسي للحكومة القادمة، وأي كان الجالس على سدة الحكم، فإن أبرز القضايا المحتملة: اولا بقاء الحال على ما هو عليه؛ ثانيا تصعيد عمليات الإستيطان الإستعماري، والعمل على ضم الضفة الفلسطينية، حسب ما أعلن نتنياهو عشية الإنتخابات، ووفق ما أعلنه أمس إسرائيل كاتس، وزير الخارجية الحالي.ثالثا تصفية كلية لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ رابعا فصل غزة عن الضفة، وتأبيد إمارة الإنقلاب الحمساوي على قطاع غزة، لإن ذلك مصلحة إستراتيجية إسرائيلية، كما أعلن بيبي أكثر من مرة، ويمكن إرضاء ليبرمان برشوة صغيرة على هذا الصعيد، حتى يلوذ بالصمت؛ خامسا العمل على تمرير صفقة القرن الأميركية وفق الرؤية الإسرائيلية، وبتساوق مع بعض العرب الرسميين بطرق واساليب توحي بعدم تورطهم في المؤامرة؛ سادسا العمل علي تلميع خيار (الوطن البديل)، وإنضاجه على نار هادئة وعلى حساب الأردن الشقيق.؛ سابعا مواصلة سياسة الفصل العنصري، وتعميق عملية تجسيد “قانون اساس القومية للدولة اليهودية” على أرض فلسطين التاريخية كلها؛ ثامنا إحداث تراجع أعظم في مكانة القضية الفلسطينية على المستويات العربية والإقليمية والدولية، ولعل بعض المؤشرات بدأت بالظهور في البرلمان الدولي، وفي تراجع نسبة التصويت في مجلس حقوق الإنسان الأممي، وحتى في الجمعية العامة للأمم المتحدة .. إلخ
الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة تحتم الشروع بتنفيذ فعلي لقرارات المجلس الوطني ودورات المجلس المركزي، وإحداث تحولات دراماتيكية في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي بدعم من كل دولة وطرف عربي وإسلامي وأممي متضرر من صفقة القرن الأميركية لكسر الإرادة الأميركية ألإسرائيلية، وإعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية فعلا للأشقاء العرب .
التعليقات مغلقة.