صحفي في “بي بي سي” يعترف بفبركة هجوم كيماوي في سوريا
كانت الحرب الأهلية السورية بمثابة اختبار لمدى حيادية وسائل الإعلام، إذ ضاعت الحقيقة تحت أنقاض المباني المهدمة، وخفت صوتها على وقع قصف الميليشيات والتنظيمات، وساعد الإعلام الموجّه في إطالة أمد الحرب، بعد أن انقسم مع انقسام السوريين، فحاول كل طرف إعلامي إثبات فكرة يؤمن بها، على حساب الحقيقة.
ومؤخرًا، بدأت الاعترافات من وسائل إعلامية كبرى كان لها تأثير في موقف متابعيها من الحرب بالظهور؛ فبعد شهرين من اعتراف مجلة “دير شبيغل” الألمانية بأن أحد أبرز الصحفيين فيها قام بفبركة قصص صحفية عن سوريا على مدار سنوات، اعترف أحد المنتجين في “بي بي سي ” بأن المشاهد التي جرى عرضها أثناء هجوم كيماوي مزعوم للنظام على مدينة دوما كانت مفبركة.
وأوضح مراسل بي بي سي، ريام دالاتي، بعد تحقيق استمر لأشهر عدة، أن المشاهد التي جرى تصويرها في مستشفى داخل مدينة دوما (شرقي دمشق)، وتداولها الإعلام على نطاق عالمي، كانت مجرّد مسرحية!
هجوم دوما المزعوم
ليلة السبت 8 أفريل 2018، تناقلت وسائل إعلام عالمية مشاهد من داخل مستشفى مدينة دوما التي كان يسيطر عليها تنظيم جيش الإسلام، يظهر فيها سوريون من رجال وأطفال تعرضوا لهجوم كيماوي بغاز “السارين” أطلقه الجيش السوري على المدينة.
وقد قامت قناة بي بي سي ببث مشاهد مصورة من داخل المستشفى. وفي غمرة التحريض، وبعد ستة أيام، أطلقت الولايات والمتحدة وبريطانيا وفرنسا -بواسطة سفن حربية وغواصات- 100 صاروخ في أول ضربة غربية منسقة ضد الدولة السورية.
وجاءت إثارة موضوع الكيماوي قبل أن ينسحب تنظيم “جيش الإسلام” من دوما بيوم واحد، وسقوط المدينة في قبضة الجيش السوري، الذي رحّل المسلحين منها إلى مدينة إدلب.
بروباغندا الحرب
جاءت الضربات الغربية ضد سوريا في وقت نفت فيه الخارجية السورية القيام بأي هجمات كيماوية على المدينة، كما أن لجان التحقيق الدولية لم تقم بتحقيقات ميدانية لإثبات صحة مزاعم المسلحين
ونفى الصحفي تعرض المدينة لهجوم بغاز السارين، وتابع قائلًا: “كل ما حول الهجوم كان مفبركًا لصنع أكبر قدر ممكن من التأثير… بعد نحو ستة أشهر من التحقيقات أستطيع التأكيد دون أدنى شك أن مشاهد مستشفى دوما مسرحية ولم يسقط هناك ضحايا”، بينما كانت التقارير تزعم سقوط 149 من الضحايا في الهجوم الكيماوي.
واستند الصحفي في أحكامه إلى مقابلات أجراها مع نشطاء وشهود عيان من المنطقة المستهدفة.
وكشف مراسل بي بي سي أن أحد الأشخاص الذين صوروا تلك المشاهد المسرحية هو طبيب، واصفًا إياه بالـ”عنيف والمراوغ”، ومرتبط بتنظيم “جيش الإسلام”، الذي كان يسيطر على دوما حتى تحرير المدينة..
وعلى الرغم من ذلك، تناولت وسائل الإعلام العالمية الخبر على نطاق واسع، وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة لإدانة الهجوم.
ولكن بعد تحقيقات مطولة استمرت لشهور، نفذها صحفي بي بي سي من داخل المدينة، نشر ريام دالاتي، سلسلة تغريدات على صفحته بتويتر، أنكر فيها صحة المشاهد التي تناولتها وسائل الإعلام العالمية، بما فيها قناته التي يعمل فيها (بي بي سي).
وبحسب المراسل، فإن الطبيب هو أبو بكر حنان كان الوحيد الموجود في المستشفى، وبدلًا من قيامه بمساعدة المصابين المزعومين، انشغل بتصوير المشاهد المؤثرة والتلاعب بها مع زملائه من النشطاء.
وقد أثارت تغريدات الصحفي ردود فعل إعلامية، بينما تجاهلها الإعلام الغربي، إذ احتفت السفارة الروسية في لندن باعترافات الصحفي، وكتبت على صفحتها في تويتر: “منتج بي بي سي في سوريا يعترف أن هجوم الأسد بالسارين على دوما كان مفبركًا”.
يذكر أن الصحفي ريام دالاتي قام بتحويل حسابه في تويتر إلى “محمى ” بعد نشر التغريدات، ليظل ما ينشره حكرًا على قائمة أصدقائه.
المصدر : كيوبوست
التعليقات مغلقة.