نساء منطقة اولاد عمار بفرنانة: ” زيت القضوم يحمينا من شبح الجوع”
حلقة وصل _ وفاء دعاسة
هو مورد رزقنا و بيع لتر من زيت القضوم كل اسبوع يقينا شبح الجوع … يأمن لنا بعض احتياجاتنا اليومية ، بنبرة حزينة مليئة بالوجع والتعب أضافت “منجية ” ما يوفره بيع زيت القضوم في السوق الاسبوعية لمنطقة فرنانة لا يفي بمتطلباتنا بل أننا بالكاد نستطيع أن نوفر ثمن المواد الغذائية الأساسية.”
فشجرة “الضرو” هي شجرة الخير و الخبز لاهالي منطقة الرميلة – اولاد عمار من معتمدية فرنانة … هي معادلة الامل و الحياة تقتات منها العائلات و تستمد منها رغبتها في البقاء و الاستمرارية.
و في صبيحة كل يوم و على الساعة السابعة صباحا تجتمع نساء المنطقة و تشد رحالها نحو الجبل الذي يبتعد قرابة 15 كيليموتر لجمع حبات “القضوم” و العودة بما تيسر من المحصول الى منازلهن ظهرا .
رحلة نساء الرميلة لا تنتهي بعودتهن الى المنزل ليواصلن عملهن و جهادهن فيقمن بتنظيف الحبيبات ثم رحيها الى ان تصير عجينة ملساء ثم يتم عصرها و استخراج زيت نفيس يتراوح ثمنه بين 25 دينار و 65 دينار.
بيدين مشققتين تضع منجية حبات القضوم في اناء و بحركة احترافية تفصل الحبات التي ستتلفها و الاخرى التي ستعصرها ثم تدكها بحجر اصم و تكون منها عجينا يقطر زيتا و اخيرا تقوم بعملية الطفح و تستخرج كمية صغيرة من زيت القضروم .
العمل اليومي لمنجية ( تصوير وفاء دعاسة )
وفي نبرة تحمل الكثير من الالم و الحزن تقول منجية ” تعب يوم كامل من العمل و مشقة طويلة بين العمل في الجبل و المنزل غير كفيل بتحقيق طلبات عائلة إذ اظطرت الى ابعاد اطفالها عن مقاعد الدراسة وعجزت عن توفير حياة كريمة لهم في زمن يلهو فيه أطفال مناطق أخرى بأحدث الهواتف و اللوحات الالكترونية .”
ثمرة القضوم
تزخر جبال عين دراهم بالعديد من النباتات الطبية والعطرية التي تستخرج منها أجود خلاصات العطورات التجميلية والزيوت الروحية التي تروج في العديد من البلدان الاوروبية.
وتعرف شجرة “الضرو” بأسماء عديدة مثل البطم الشرقي أو البطم العدسي أو المستكي وغيرها وهي عبارة عن شجرة صغيرة الحجم تعطي ثمارا صغيرة ذات لون أحمر وأسود وطعمها مر. ومنذ القديم استعملت ثمارها في صناعة العطور والبخور ومواد التجميل وغسول الأسنان وغيرها.
كما كانت تستخدم في الطب البديل لعلاج العديد من الأمراض مثل نزلات البرد والصداع وتوقيف نزيف الدم وعلاج مشاكل الهضم وأمراض الكبد والأذن و علاج أمراض اللثة وتبييض الأسنان والقضاء على رائحة الفم الكريهة، و أيضا علاج الكسور وتضميد الجروح وتقوية المعدة والأمعاء وفتح الشهية .
مخاطربالجملة
بين صعوبات و مشاق الطريق تواجه جامعات القضوم خطر مهاجمة الخنازير و الذئاب التي اعترضت سبيلهن في اكثر من مرة و كادت تنهي حياة احداهن الى جانب خطر الارهاب .
تقول منجية ” نعيش معاناة يومية من اجل جلب بعض الكيلوغرامات من القضوم و نعتلي قمة الجبل غير مبالين بالمخاطر التي قد تعترضنا في أي لحظة ، و واصلت ” نفضل التنقل في مجموعات حتى نتمكن من مساعدة بعضنا البعض في حالات الخطر .
و تظطر نساء المنطقة الى بيع ما تحصلن عليه من زيت القضوم باسعار زهيدة يتحكم فيها عدد من التجار في السوق الأسبوعية لمنطقة فرنانة التابعة لمدينة عين دراهم حيث يتغير سعر اللتر الواحد من تاجر لاخر.
انتظارات مؤجلة
تنشط في منطقة ظل التلة جمعية تساعد نساء المنطقة على التنقل الى الجبل و جمع حبات القضوم و النباتات لعصرها و تقطيرها مقابل اجر يومي لا يتجاوز الخمس دنانير .
و تمني مريم شابة في العقد الثالث ، نفسها بتوجه مثل هذه الجمعيات و مساعدتهن على تأمين عمل قار من جهة و توفير ظروف احسن للعمل . و تضيف مريم ” انا اعمل جاهدة طيلة اليوم ، لتوفير قوتي و شراء دواء والدي المسن بعد ان تركني اخوتي و نزحوا الى العاصمة بحثا عن العمل .
و طالبت مريم شأنها شأن بقية النسوة بالمنطقة بتوفير موارد رزق قارة لتحسين وضعيتهم الاجتماعية و تدريس أطفالهم و حمايتهم من الفقر و الخصاصة.
التعليقات مغلقة.