شهي عندما يغضب
بقلم : حنان عباسي
انتفضت عندما سمعت صوته يُناديها .. كانت تمشي خيالها ، ترفس أفكارها بخطواتٍ مُتلكّئة نحو البيت و كأنها لا تريد له بُلوغًا.. التفتت نحوه منتظرة وصوله تلفُّ السعادة قلبها الذي يشتاق له دوما ..لكنه عندما انتهى إليها أمسك ذراعها بقوة و جرّها عكس اتجاهها .. حاولت مجاراة إيقاع مشيته المهرولة و الأسئلة تُصادر عقلها ، تركض بها في كل الاتجاهات ..
تتطلّعُ مرة نحوه ،لا ترى منه غير جمودٍ لا يسرّ ، فترمي ببصرها نحو الأرض تتصيّدها الحيرة و يعتقلُها الفضول .. وصلا الحديقة العمومية في لمح الأثر .. أجلسها على أول مقعد شاغر ثم جلس متخذا وضعية المهاجم قُبالتها .. بدأ في التحدث و هو يطلب منها أن تستدير حتى تنظر في عينيه و هو يتكلّم .. ظلت صاغرة و لا تسمع .. تراقب ملامحه و هي تُجاري مسار الكلام الساخط بنظراتها العاشقة ..
كان صورة هادئة لعاصفةٍ تبتلع كل شيء في طريقها ، تثير الفوضى في نظام الطبيعة و من ثمّة تُعيد ترتيبه وفق تخطيطها الغريب ..
ذاك التعبير الأرعن على وجهه .. تلك القسمات البكماء وهي تتشنج و تتلوى تحت ضغط الغضب .. صوته الحانق و هو يؤذن باندلاع حرب كلمات ضروس .. يده المشرعة في الفضاء ترسم صُورا غائرة لسهامٍ تنطلق شررا نحو صمتها .. تلك العيون العسلية تُمسي إعصارا أسود في اهتياج مُزمجر .. حتى حُبيبات العرق التي كانت تتلألأ على جبينه المنتفض بدت كقطرات الندى تعانق شفاه الورد .. و عندما أَولدَ سُخطه حديثا ، كان فورة شوقٍ .. و كان ذلك الغاضب شهيا كقطعة حُب ..
التعليقات مغلقة.