خطابان متناقضان لرئيس الاركان الجزائري كشف انتهاء معركة أعلى هرم السلطة الجزائر
الجزائر _ علي ياحي
تتسارع الأحداث في الجزائر مع استمرار الاحتجاجات الطلابية ضد “ترشيح” الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، بعد الدعوات المتواصلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمباشرة عصيان مدني لمدة 5 أيام ابتداء من يوم الجمعة، في تطور خطير يزيد الوضع تأزما رغم خطابات نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش قايد صالح، في اقل من 24 ساعة، و التي جاءت تارة للتخويف و أخرى للافتخار. يواصل آلاف الطلبة الجزائريين الاحتجاجات في العاصمة ومدن أخرى، مطالبين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتنحي وعدم الترشح في الانتخابات المقبلة، رافضين وعوده بإجراء إصلاحات وانتخابات رئاسية مبكرة، وسط انتشار كبير للشرطة بدون أن تتدخل، في مشهد يؤكد أن الاحتجاجات لا تتجه نحو الهدوء، مع استمرار تجاهل مطالب الشارع، خاصة في ظل ارتفاع الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الداعية الى الانطلاق في عصيان مدني بعد المسيرة المليونية المنتظرة يوم الجمعة.
و أمام فشل الجميع في تهدئة الشارع، بما فيها أحزاب المعارضة التي تأكد أنها لا تمثل الشعب، كما كانت تروجه، خاصة بعد محاولة رؤساء بعض التشكيلات السياسية و منها الإخوان، ركوب الموجة و تبني الحراك الشعبي، الجمعة الماضية، من خلال النزول للمشاركة في المسيرات، أين تفاجئوا بطردهم من طرف الشباب المحتج ليعرف كل حزب قدره، خرجت المؤسسة العسكرية التي باتت الجهة الوحيدة التي يحترمها الشعب، و ذلك على لسان نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش، قايد صالح، بخطاب وصفته جهات بالتخويفي، على اعتبار انه تمسك بكلمات العشرية السوداء و سنوات الدم و الدمار، و منها قوله إن “هناك بعض الأطراف يزعجها رؤية الجزائر آمنة ومستقرة”، و “هناك من يريد أن تعود الجزائر لسنوات الألم وسنوات الجمر”، و “الجيش سيبقى ماسكا بزمام مقاليد إرساء مكسب الأمن الغالي”، و ” الشعب الذي أفشل الإرهاب مطالب اليوم بمعرفة كيفية التعامل مع ظروف وطنه”، لكن سرعان ما تغير الحديث مع البيان الثاني الصادر في اقل من 24 ساعة، أين استعمل قايد صالح عبارات أخرى، مثل “الجيش الجزائري يدرك خبايا وأبعاد ما يجري حولنا، وما يمثله ذلك من أخطار وتهديدات على بلادنا”، و” الجيش سيكون دوما حارسا أمينا للمصلحة العليا للوطن وفقا للدستور ولقوانين الجمهورية”، و ” الجيش سيكون في مستوى المسؤولية المطالب بتحملها في كافة الظروف والأحوال”.
بالنظر الى تركيبة النظام الجزائري و مواقع القوة، فان جماعة رئيس جهاز الاستخبارات سابقا، الجنرال محمد مدين، المدعو توفيق، فرضت منطقها و حققت هدفها و ثأرت لما أصابها من هوان على يد آل بوتفليقة، حيث ان الجماعة كانت رافضة للعهدتين الثالثة و الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لكن هذا الأخير استجمع قوته بالارتكاز على جماعة المال بقيادة المدعو علي حداد، لمواجهة الجنرال توفيق، ليفرض منطقة في العهدتين و يواصل حكمه و يطرد الجنرال توفيق إلى التقاعد، و يحل جهاز الاستخبارات، لتبدأ مرحلة التصادم بين الرئاسة و الاستخبارات، التي أوصلت الجزائر إلى هذا الوضع المرتبك، غير أن خروج ظهور أركان الجيش في اقل من 24 ساعة، يكشف عن نهاية المعركة لصالح جهاز الاستخبارات السابق الذي يكون قد فرض منطقه بلا عودة عبد العزيز بوتفليقة، و ضمان خروج هادئ و سلمي لعائلة الرئيس و محيطه. انفراد المؤسسة العسكرية بالمشهد الحاصل في الجزائر، بعد فشل الطبقة السياسية الموالية و المعارضة، يشير إلى أن الأزمة تتجه نحو الانفراج، و ان الأمور تمت تسويتها فيما بين ديناصورات النظام، وان الساعات القادمة التي تسبق جمعة الغضب، تحمل في طياتها حزمة من القرارات قد تنهي توتر الشارع.
التعليقات مغلقة.