المبعوثة الأممية الى ليبيا تهدد “عصا مجلس الأمن لمن عصى”
حلقة وصل _ فريق التحرير
أكدت البعثة الأممية للدعم في ليبيا أنها تدعم تشكيل حكومة موحدة جديدة ذات ولاية محددة، موضحة في منشور لها على منصة “إكس”، أن الاتفاق على القواعد الانتخابية يجب أن يسبق مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت البعثة إن هناك آليات لمنع المعرقلين الذين ستبلغ مجلس الأمن عنهم، منوهة أنها ستطلب تدخل المجلس عند الضرورة، وجددت تأكيدها أن الإطار الزمني لخارطة الطريق، هو من 12 إلى 18 شهراً، وتتكون من مراحل متتابعة تقود في النهاية إلى انتخابات وطنية.
وكانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، أعلنت عن الإطار الزمني للحوار المهيكل الذي يمتد من 4 إلى 6 أشهر ضمن فترة تنفيذ خارطة الطريق، حيث أكدت أن البعثة ستنشر في مرحلة موالية معايير اختيار المشاركين في الحوار لضمان تمثيل جغرافي ومجتمعي متوازن يشمل الجميع.
والحوار المهيكل هو عبارة عن إقامة حجة من البعثة الأممية للدعم في ليبيا على الأجسام الموجودة الآن بأنها أجسام مهترئة أفسدتها الخلافات الداخلية لدرجة أنها لم تعد قادرة على إنتاج أي حل من الحلول السياسية الضرورية.
فرصة جديدة
عن لجوء البعثة الأممية للدعم في ليبيا إلى الحوار المهيكل، قال المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية الليبية سعد الدينالي، إن البعثة تحاول جاهدة عدم إقصاء المنظومة السياسية الموجودة حالياً في ليبيا خوفاً من حدوث عراقيل أو تدخل دولي أو إقليمي يشوش على المسار السياسي الذي رسمته البعثة أخيراً.
وأكد أن الإعلان عن الحوار المهيكل هو محاولة لإطالة الوقت وإعطاء فرصة أخرى لهذه الأجسام السياسية، وهو أيضاً تأكيد من البعثة بأن هذه الأجسام غير قادرة على تغذية أية عملية إصلاحية، وأنها وصلت إلى مرحلة من الارتباك لا تمكنها من المشاركة في حل سياسي مقبل.
ونوه الدينالي لـ”اندبندت عربية”، إلى أن الحوار المهيكل هو فقرة من فقرات خارطة طريق تيتيه التي أعلنت عنها في إحاطتها السابقة أمام مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي، موضحاً أنها فقرة ستتجاوز بها البعثة هذه الأجسام وتنتج جسماً تشريعياً جديداً، وواصفاً الخطوة بأنها “ليست سهلة، فهذا الجسم التشريعي سيضع قوانين ويغير مناصب سيادية، بالتالي سيحتاج نوعاً من الشرعية يقنع بها المجتمع الدولي”.
وأشار إلى أن الحجة التي ستلجأ إليها البعثة الأممية للدعم في ليبيا لتقنع بها المجتمع الدولي هي العجز الذي وصلت إليه الأجسام الموجودة الآن من برلمان ومجلس دولة. مؤكداً أن البعثة تسير بخطوات جيدة، وما يربكها ويعطل عملها هو المناخ الإقليمي والانقسام الدولي في شأن الملف الليبي داخل مجلس الأمن.
وأكد المتخصص في الشؤون الليبية أن “ما طرحته البعثة منطقي، لكنها ستتعثر بأجندات الدول الكبرى في ليبيا، التي يغذي كل طرف منها أطراف الصراع الليبي، ولو استطاعت البعثة الحصول على إجماع دولي وإقليمي حول مبادرتها المتعلقة بالحوار المهيكل فستنجح ويتم تحييد الأجسام الموجودة الآن، والتي بدأت فعلاً تظهر للمجتمع الليبي على أنها عبء ثقيل وعائق أمام أي إصلاح سياسي، سواء كان عن طريق الأمم المتحدة، أو إصلاح ليبي – ليبي”.
رفع الدعم
بخصوص تلويح البعثة الأممية في ليبيا بورقة العقوبات ضد كل من يُعرقل تنفيذ خارطة الطريق الجديدة التي تشمل تشكيل حكومة جديدة، وهي نقطة سبق أن رفضها رئيس الحكومة الحالية عبد الحميد الدبيبة عندما طرحت من قبل المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عبد الله باثيلي، وقال وقتها إنه “مستعد للجوء إلى السلاح حفاظاً على منصبه الذي لا يمكن أن يتنحي عنه إلا بعد إجراء الانتخابات”، قال الدينالي إن من المحتمل أن يلجأ مجلس الأمن الدولي إلى تغيير البعثة الأممية من بعثة للدعم إلى بعثة عسكرية تمتلك أدوات التغيير الحقيقي كما حدث في عديد من الدول الأخرى، بخاصة أن البعثة أثبتت أنها عاجزة عن مواجهة نفوذ المليشيات المسلحة في ليبيا.
وأوضح أن المشكلة الحقيقية التي تواجه البعثة الأممية منذ إنشائها إلى اليوم هي عدم اتفاق أعضاء مجلس الأمن الدولي، خصوصاً الدول الخمسة التي تمتلك حق النقض (الفيتو) في المجلس (فرنسا والصين وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا)، بالتالي لو استطاعت البعثة صنع نوع من الاتفاق بين هذه الدول حول الملف الليبي فكل شيء متوقع، مثل أن تصبح البعثة ذات طابع عسكري بدلاً من طابعها السياسي الحالي.
وأكد أن مجرد الوصول إلى اتفاق بين الدول الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن لن يجبر البعثة الأممية للدعم في ليبيا على اللجوء إلى عقوبات دولية لأن ذلك سيرفع الدعم عن جميع المعرقلين من هذه الدول. ورأى أن الخلل بالأساس هو عدم الاتفاق بين هذه الدول داخل مجلس الأمن مما يسبب مشكلة أمام البعثة وقدرتها على تمرير مشاريعها، وأيضاً عدم اتفاق هذه الدول يقوى الأجسام السياسية الموجودة في ليبيا الآن، فكل جسم يتغذى على واحدة من هذه الدول التي تعطيه جرعة لتحدي الواقع الليبي، مشدداً على أن ترضية الدول الكبرى المختلفة، ومنها روسيا وأميركا، هو من سيحل عقدة الملف الليبي.
خرائط التيه
في المقابل، يرى المحلل والمستشار السياسي إبراهيم لاصيفر، أن البعثة الأممية للدعم في ليبيا تعاني حالياً من حال تخبط أدت إلى عدم إيفائها بوعودها المتعلقة بالمرحلة الأولى من خارطة الطريق، التي لم تنجز فيها تيتيه شيئاً على غرار تغيير مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وتوافق مجلسي النواب والدولة بخصوص القوانين الانتخابية، لتخرج علينا الآن بالإعلان عن حوار مهيكل كما وصفته.
وأوضح أن الخلاف الحاصل بين رئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا ونائبتها ستيفاني خوري يعكس هذه الحال، وهو ليس ببعيد من الحال الدولية باعتبار أن المجتمع الدولي منقسم على نفسه، ومنقسم أيضاً حيال الحل في ليبيا التي أضحت تعيش انقساماً داخلياً، لهذا لن تستطيع البعثة الموجودة الآن المضي قدماً في إيجاد حل والإيفاء بما طرحته وتقدمت به، وفق رأيه.
وحول تلويح تيتيه بتدخل مجلس الأمن الدولي في ليبيا، أكد لاصيفر لـ”اندبندت عربية” أن الأمر يعد سابقة منذ “اتفاق جنيف” عام 2021، إذ لم يتطرق أحد للذهاب إلى عقوبات مجلس الأمن الدولي سوى المبعوثة الأممية لليبيا سابقاً ستيفاني وليامز، عندما جمعت أعضاء لجنة “حوار جنيف” وقالت لهم “إذا لم تصلوا في غضون 10 أيام إلى حل فسنذهب إلى مجلس الأمن الدولي لتسليط عقوبات على المعرقلين”، مما دفع بهم للخروج بحكومة موحدة سريعاً وهي حكومة الدبيبة الحالية.
وقال إن “عدم تخوف أطراف الصراع الليبي من عقوبات مجلس الأمن الدولي سببه وعيهم بانقسام المجتمع الدولي على نفسه بخصوص الملف الليبي، لكن إذا ما صدقت النوايا لإيجاد حل فإن هذه العقوبات، في حال تم الموافقة عليها من مجلس الأمن الدولي، مهما كانت حدتها وشكلها على غرار عقوبات اقتصادية أو تقييد سفر أو بطاقات حمراء أو حتى تدخل عسكري من قبل مجلس الأمن، ستجعل الفرقاء الليبيين يرضخون إلى ضغوط ومطالب المجتمع الدولي، غير أن هؤلاء الفرقاء يعرفون جيداً أن العالم لن يكون على قلب رجل واحد”.
عقوبات دبلوماسية
ونوه إلى أنه “في حال مررت روسيا قراراً أو سلطت عقوبات على بعض الأطراف الليبية فسوف تمتنع عنه الولايات المتحدة، وفي حال مررت بريطانيا والولايات قرارات مناوئة لحلفاء روسيا على الأرض فسوف تستخدم روسيا (الفيتو)، مما يؤكد بقاء الأزمة الليبية في حال التيه التي تعيشها الآن”.
ورجح المستشار السياسي الليبي “توجه مجلس الأمن الدولي إلى تطبيق عقوبات دبلوماسية في حال قرر التدخل في ليبيا تلبية لطلب المبعوثة الأممية، التي لن تمضي في أطروحتها الأخيرة (الحوار المهيكل)، كما لن تجد تجاوباً جدياً من الأطراف الليبية المعرقلة، لأن العقوبات الدولية لن تطبق بسبب الانقسام الحاد بين الفرقاء الدوليين”.
وحول أشكال العقوبات التي من المتوقع أن يلجأ إليها مجلس الأمن الدولي في ليبيا، نوه لاصيفر إلى أنها ستكون “ذات طابع دبلوماسي، وهو الشكل المرجح في حال ليبيا، إذ بإمكان مجلس الأمن الدولي التدخل في دولة معينة عبر إجراءات غير عسكرية أو عسكرية للحفاظ على السلام والأمن الدوليين”.
وأوضح أن الإجراءات غير العسكرية، وهي الطريقة التي من المتوقع أن يلجأ إليها مجلس الأمن في ليبيا، تقتضي فرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية، في حين يتعلق التدخل العسكري بنشر قوات حفظ السلام أو قوة مسلحة للرد على أية اعتداءات مسلحة.
التعليقات مغلقة.