حلقة وصل- بقلم سمية دريدي
تستعدّ تونس لدخول سنة مالية جديدة محمّلة بالآمال والتحديات، مع عرض مشروع قانون المالية لسنة 2026 الذي أثار منذ الإعلان عنه جدلًا واسعًا بين الاقتصاديين، النواب والمواطنين.
بين من يراه مشروع إنقاذ اقتصادي، ومن يعتبره ورقة ضغط جديدة على الجيوب المنهكة، تتأرجح الآراء… لكن المؤكد أنّ 2026 لن تكون سنة عادية.
ميزانية ضخمة.. وديون أثقل من أي وقت مضى
تبلغ الميزانية المقترحة أكثر من 63 مليار دينار، وهو رقم قياسي مقارنة بالسنوات الماضية.
غير أنّ هذا الرقم يخفي وراءه عجزًا كبيرًا تسعى الحكومة لتغطيته بوسائل مختلفة، منها تمويل مباشر من البنك المركزي — خطوة اعتبرها بعض الخبراء “مغامرة مالية” قد تُحدث جدلاً مع المؤسسات الدولية.
ضرائب جديدة.. ووعود قديمة
المشروع يقترح ضريبة على الثروة تستهدف كبار المالكين، مع وعود بأنّ هذه الأموال ستُوجّه لدعم الفئات الهشة وتحسين الخدمات العمومية.
لكن في المقابل، يخشى كثيرون أن تمتدّ يد الجباية مجددًا إلى الطبقة الوسطى التي أصبحت الحلقة الأضعف في المشهد الاقتصادي.
“ما نخافوش من الضريبة، نخاف من طريقة تطبيقها”، هكذا علّق أحد المواطنين في العاصمة، مذكّرًا بتجارب سابقة لم تُترجم فيها الوعود الاجتماعية على أرض الواقع.
استثمار ورقمنة… أم إصلاح مؤجل؟
الحكومة تتحدث عن رؤية جديدة عنوانها الرقمنة والاستثمار الذكي، مع إطلاق أداة “Tartib 2.0” لتقييم المشاريع العمومية.
كما يُنتظر تعزيز مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة والتعليم والصحة.
لكن، حسب خبراء الاقتصاد، فإن النية الطيبة لا تكفي دون إصلاح إداري حقيقي، خاصة في ظل البيروقراطية وتضارب المصالح داخل بعض المؤسسات العمومية.
ردود فعل متباينة
النواب انتقدوا ما وصفوه بـ“غياب الشفافية” في عرض التوجهات الكبرى للمشروع، فيما طالبت الجمعيات الاقتصادية بضمانات تمويل واضحة وعدم إثقال كاهل المؤسسات الصغرى.
أمّا المواطن البسيط، فبين أملٍ في تحسّن الأجور وخوفٍ من زيادات جديدة في الأسعار، يعيش حالة من الترقّب والحذر.
مشروع قانون المالية 2026 ليس مجرّد وثيقة أرقام… بل هو امتحان جديد لعلاقة الدولة بمواطنيها.
هل ستنجح الحكومة في تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي؟
الجواب سيتضح مع بداية السنة القادمة، حين تتحوّل الوعود إلى واقع… أو إلى فاتورة جديدة تضاف إلى قائمة الانتظار الطويلة.
التعليقات مغلقة.