تونس والأمم المتحدة: صوت الحكمة في زمن الاضطراب
حلقة وصل: بقلم سمية الدريدي
في عالم يزداد اضطرابًا، حيث تتصاعد الأزمات وتتعقد الملفات، برزت تونس من جديد كصوت متزن يسعى إلى إعلاء قيم العدالة والتعددية. اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك، لم يكن مجرد بروتوكول دبلوماسي عابر، بل رسالة سياسية عميقة الدلالات.
منذ الاستقلال، عُرفت تونس بانحيازها إلى الشرعية الدولية ودعمها للقضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. واليوم، جدّد الوزير هذا الموقف، مؤكدًا أن تونس لا تزال متمسكة بمبادئها الثابتة، رغم التحديات الداخلية التي تعيشها. هذه الرسائل تعكس رغبة البلاد في أن تبقى فاعلاً مسؤولاً في الساحة الدولية، لا مجرد متفرج.
الأمين العام للأمم المتحدة لم يُخف إعجابه، فوصف تونس بـ “صوت الحكمة في منطقة المتوسط”. وهو توصيف ليس هيّنًا، إذ يأتي من أعلى هرم المنظمة الأممية في وقت يشتد فيه الجدل حول الهجرة، النزاعات، وإصلاح النظام الدولي. بالنسبة لتونس، هذا الاعتراف هو بمثابة شهادة تقدير لدورها المتوازن في ملفات شائكة مثل ليبيا والهجرة غير النظامية.
لكن الأهم من الكلمات هو ما يمكن أن تحققه تونس من مكاسب ملموسة. فتبني الأمم المتحدة لموقفها يفتح الباب أمام فرص دعم أكبر في ملفات التنمية، ويمنحها مساحة أوسع للتأثير في النقاشات الأممية. كما أن مبادرة رئيس الجمهورية لاعتماد سنة 2025 “سنة لتعزيز العمل متعدد الأطراف” تعكس محاولة لإعادة تموقع تونس كلاعب يحافظ على رمزيته وسط القوى الكبرى.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج تونس إلى استثمار هذا الرصيد الأممي ليس فقط لإبراز صورة إيجابية عن نفسها، بل أيضًا لتحويل الاعتراف الدولي إلى دعم حقيقي ينعكس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي داخليًا. فالدبلوماسية الناجحة هي التي تمزج بين الرمزية والمنفعة.
وبينما تواصل الأمم المتحدة بحثها عن التوازن وسط أزمات العالم، تظل تونس متمسكة بمكانتها كصوت عقلاني، يذكّر الجميع بأن العدالة والسلام قيم لا يجوز أن تبقى مجرد شعارات.
التعليقات مغلقة.