شذرات الذكريات في رحيل علي المهذبي
بقلم باسل ترجمان
عرفت علي المهذبي وكنت طالب سنة ثالثة بمعهد الصحافة سنة 1985 بحكم السكن في المرسى الشاطئ ويجمعنا صباح كل احد مقهى الزفير الذي كان ملتقى الوجوه السياسية والثقافية باختلاف توجهاتها.
شخصيته كانت تختزن الكثير من الضمار واللطف وكان حينها يعمل مراسلا لمجلة فلسطينية تصدر في قبرص عن جبهة التحرير الفلسطينية التي يقودها ابو العباس، الذي اعجب بقدرته على الجمع بين الجد والهزل في جملة واحدة.
دعاني مرة لمنزله ووالدته رحمها الله طيبت كسكسي بالبسباس، وكان فخورا بها، وقرا لي تقريرا اعده لمجلة فلسطينية يتحدث عن الامين النهدي ونور الدين بن عياد والمنجي العوني وعنوانه نريد وزارة للضحك .
أثار اهتمامي كيف لمجلة فلسطينية ملتزمة ان تنشر تقريرا بهذه النوعية، وفهمت ان قدرته على الإقناع والمراوغة نجح في تمريره، ليكون الاول في تاريخ صحافة التنظيمات الفلسطينية.
بقي وفيا لعادته لضحكه وحياته المعجونة بالفوضى، وكان صديقا للجميع وصباح كل احد يتعالى الصراخ في النقاشات السياسية في تيراس الزفير، وبجانبه دار السينما التي ينشط فيها نادي ساهم في تعليم الصغار محبة السينما .
استمر الحال عبثيا حتى جاء فجر السابع من نوفمبر فتغير حال الضاحكين، وتسابق كثيرون للدخول في ركاب تجربة تجمعت فيها المصالح على حساب المبادئ، وانفرط عقد جلسات كانت تجمع كثيرين ان لم تخني الذاكرة منهم من توفي المرحوم محمد الرياحي وكثيرين احياء اطال الله في أعمارهم.
غاب علي عن اصدقائه وغابت ضحكته وفوضويته التي البسها ثوب المسؤولية في دواليب الحكم رغم انه في قرارة نفسه كان عابثا بها ويخشى سطوتها .
التقينا بعد سنة 2016 وكنت اعمل في اذاعة شمس اف ام رفقة الزميل شاكر بسباس في ستوديو شمس، وعلي الذي عرفته قبل ثلاثين سنة لم يعد من التقيته حينها، غلبته سنوات العمر وانهيار النظام الذي اقتنع به واعطاه وقته وجهده، وغابت ضحكته وضماره واتعبه المرض .
لم نلتقي منذ سنوات واليوم علمت بخبر وفاته فتناثرت في ذاكرتي شذرات من صداقة طيبة متقطعة جمعتنا
رحمة الله عليه وما الإنسان إلا بقايا ذكريات
التعليقات مغلقة.