حلقة وصل- فريق التحرير
في لقاء مع عصام زكرياء مدير مهرجان القاهرة السينمائي اكد تغلبهم على التحديات الصعبة وأضاف:
● التواجد الإعلامي العربي والدولي هذا العام غير مسبوق لإبراز مكانة مهرجان القاهرة في العالم.
● واجهنا التحديات بإعادة ترتيب أوجه الإنفاق بطريقة عظمت الإستفادة من الموارد بما يليق بمهرجان دولي.
● رفضنا بشكل قاطع التعاون مع أي جهة مدرجة في قائمة المقاطعة، والقضية الفلسطينية حاضرة في كل فعاليات المهرجان.
● لدينا برنامج حافل من الأفلام ذات الجودة الفنية العالية والموضوعات الإنسانية من كل أنحاء العالم، يجمع بين أفلام الجوائز واكتشافات مهرجان القاهرة خارج صندوق سوق التوزيع التقليدية.
● استعادة الصلة بتراثنا السينمائي العظيم، والإنتاج المشترك وتصوير الأفلام العالمية في مصر أبرز قضايا أيام القاهرة للصناعة
توليك منصب مدير القاهرة السينمائي الدولي في دورة مؤجلة يفرض تحديات كبيرة، إلى أي مدى أثرت على تنفيذ رؤيتك؟
بحكم خبرتي في المهرجانات المصرية ومن بينها مهرجان القاهرة تعلمت أن هناك أهمية الاعتناء بالتفاصيل الصغيرة بنفس قدر الاهتمام بالأمور الكبيرة. المهرجان السينمائي هو بالأساس أفلام وهو أمر فني، لكن للوصول إلى هذه الافلام عليك أن تفكر بأمور لوجيستية عديدة توافرها ضروري لإقامة المهرجان. تفاصيل مثل الإفتتاح والختام والطيران والإقامة تلتهم الجزء الأكبر من الميزانية، وكذلك شراء حقوق عرض الأفلام يحتاج إلى مبالغ طائلة. الفكرة كانت في كيف يمكن ترشيد النفقات ليس بمعنى تخفيضها وإنما إعادة النظر في كيفية توزيعها بطريقة غير تقليدية تحقق أقصى استفادة من الموارد دون التنازل عن مكانة المهرجان الدولي شكلًا وموضوعًا.
مثلا بالنسبة لتكلفة الطيران الكبيرة ورغبتنا في تواجد الصحفيين والإعلاميين الدوليين والعرب المهم جدًا لتوصيل صورة مناسبة للجهد المبذول في فعاليات المهرجان المختلفة، رأينا خلق التوازن من خلال أن يتحمل الضيوف من الصحفيين والإعلاميين تكلفة الطيران في مقابل تحمل المهرجان تكلفة الإقامة طوال ١٠ أيام مدة المهرجان، بدلًا من النظام الذي كان متبعًا بقضاء نصف مدة المهرجان فقط وهو نظام كان يفقد التواجد الإعلامي الهدف من وجوده وهو الانغماس في تجربة المهرجان بكل معنى الكلمة ومتابعة الفعاليات المتنوعة التي يقدمها من عروض أفلام وفعاليات الصناعة. هذا الأسلوب سمح لنا بدعوة عدد أكبر من الصحفيين والإعلاميين الدوليين والعرب بل وسمح لنا أيضًا عقد شراكات مهمة مع كبريات الصحف والمواقع والمنصات الدولية والإقليمية المتخصصة مثل فارايتي، وفيلم فيرديكت وسكرين ديلي وفيستفالسكوب وغيرها، وهو تواجد مهم جدًا بالنسبة لمهرجان دولي بحجم مهرجان القاهرة.
من الأمور الأخرى التي شعرت فيها أيضًا بضرورة توجيه الإنفاق في مسارات أكثر جدوى تتناسب مع طموحات المهرجان وفينفس الوقت مع الإمكانيات المتاحة هو الاستعانة بخبرات أجنبيةمكلفة جدًا مع وجود خبرات مصرية يمكنها أن تنفذ نفس الأعمالبنفس الجودة. نحن مؤمنون بأن وجود خبرات أجنبية يثريالمهرجان ويضيف لتنوعه لكن قررنا أن تكون الاستعانة بالخبراتالأجنبية في حدود أن تمثل إضافة حقيقية وضرورية لفريق العملوللمهرجان.
على نفس المنوال فيما يتعلق بشراء حقوق عرض الأفلام. قررنااتباع سياسة مدروسة جدًا في هذا الأمر تعتمد على تقليلالنفقات في هذا الجانب دون التنازل عن جودة الأفلام المختارةبعناية فائقة. هذه الاستراتيجية اعتمدت على أمرين أساسيين. الأول هو تعضيد فريق البرمجة من خلال الجمع بين نظامالمبرمجين المتخصصين جغرافيا وبين نظام لجان المشاهدة. قمنابالاستعانة بفريق كبير يساند المبرمجين في مشاهدة الأفلاموتكثيف المناقشات حولها بحيث لا ينحصر اختيار الأفلام علىالمبرمج وحده. ومن خلال التصويت الجماعي و المناقشات المكثفةنضمن اختيارات مدروسة لافضل الافلام المتوافق عليها. زيادةعدد أعضاء الفريق أتاح ايضًا وجود عدد أكبر من الأفلام التيتتم مشاهدتها والاختيار منها بحيث لا تكون قاصرة فقط علىالأفلام الأشهر التي تتنافس عليها المهرجانات ويعرضها الموزعونبأسعار مبالغ فيها. صارت لدينا فرص أكبر لاكتشاف افلام عاليةالجودة فنيًا وتحمل قصصها مضامين انسانية رائعة. برأيي أنالعالم مليء بالأفلام الجيدة التي لا تحصل على فرص لأنالجميع يتسابقون للحصول على عدد محدود من الأفلام فقطوالتي لبعضها مكان ايضًا في برنامجنا.
أزعم أن برنامج أفلام مهرجان القاهرة هذا العام قوي جدا يجمعبين الجودة الفنية والقصص الإنسانية المؤثرة والمشوقة وهو مفتوحعلى ثقافات مختلفة وقصص قريبة من واقعنا وجذاب لشرائحمتنوعة من الجمهور الذي بالتأكيد يرجع له الحكم النهائي.
من الأمور المهمة التي حرصت على وجودها أيضًا خلق التناغم بين فريق العمل بحيث لا نعمل في جزر منعزلة سواء داخل فريقالبرمجة أو بين أقسام المهرجان المختلفة. حاولت أن يكون التعاونوالمناقشات المستمرة واتاحة ومشاركة المعلومات هو السمة التينسعى إليها للاستفادة من الخبرات الجماعية للفريق وضمانالمرونة في العمل وهو ما يعتبر ايضًا استثمار في الوقت والجهديقلل من الاهدار.
ذكرت أن برنامج الأفلام جذاب لجمهور متنوع، فما هي رؤيتك لتواصل المهرجان مع الجمهور؟
هذا العام توسع المهرجان خارج أسوار دار الأوبرا التي حوصر فيها لسنوات ، وكذلك خارج النطاق الجغرافي التقليدي لمنطقة وسط القاهرة. القاهرة كبيرة جدًا ومترامية الأطراف وليس فقط وسط القاهرة. بالإضافة إلى قاعة سينما الزمالك وقاعة إيوارتبالجامعة الأمريكية لدينا الآن قاعات عرض في التجمع الخامس والشيخ زايد بالتعاون مع سينما فوكس. وراعينا في اختيار برنامج عروض الأفلام في هذه القاعات أن تناسب الجمهور العام وأن تكون جذابة جماهيريًا. هناك حرص بشكل عام في برمجةعروض الأفلام على أن تكون مناسبة لقاعات وتوقيتات العرضوالجمهور. أفلام السينمات العامة خارج الأوبرا بالتأكيد تراعيانها موجهة للجمهور العام، أما أفلام المسرح الكبير في دارالأوبرا تكون أقرب للحالة الاحتفائية والسجادة الحمراء، في حينأفلام المسرح الصغير وسينما الهناجر فهي أفلام تميل إلىالفنية. لدينا خطط للتوسع في القاهرة ومدن أخرى ندرسها حسب مسار الدورة الحالية ومدى إقبال الجمهور.
ذكرت أن المهرجان يساند المقاطعة تضامنًا مع القضيةالفلسطينية، فكيف تعبر برامج المهرجان المختلفة أيضًاعن هذا التضامن؟
بالتأكيد هناك اهتمام خاص بالسينما الفلسطينية وبالقضيةالفلسطينية بداية من اختيار فيلم افتتاح للمخرج الفلسطينيرشيد مشهراوي “أحلام عابرة”، هذا بالإضافة إلى وجود جوائزخاصة بالسينما الفلسطينية وبرامج عروض وفعاليات متنوعة تبرزالصوت الفلسطيني. نحن حريصين على أن تكون القضيةالفلسطينية حاضرة بقوة في المهرجان.
برنامج السينما العربية هذا العام متخم بالأفلام. هل كانمن الصعب الحصول على أفلام جيدة في ظل المنافسةبين مهرجانات مهمة في المنطقة؟
أزعم أن مهرجان القاهرة هذا العام لديه عدد غير مسبوق منالافلام العربية الجيدة جدا فنيًا. لا اعتقد ان المنافسة أثرتبالسلب على اختياراتنا، بل بالعكس لأن الأفلام العربية الجيدةكثيرة جداً. أحدثنا هذا العام ايضًا تغييرات مهمة فيما يتعلقبالجوائز المقدمة للسينما العربية اظن انها حققت توازنًا مستحق. ففي الدورات السابقة كان هناك جائزة أفضل فيلم عربيوتتنافس عليها كل الافلام العربية المشاركة في المهرجان، بالإضافة إلى مسابقة آفاق السينما العربية وهو أمر مربك وغيرمفهوم ولا مطلوب. هذا العام قررنا استحداث جوائز السينماالعربية وهي جوائز مالية لأول مرة وتتنافس عليها كل الأفلامالعربية الطويلة المشاركة في المهرجان سواء في المسابقة الدوليةأو في آفاق السينما العربية الذي تحول الى برنامج وليسمسابقة. كانت لدينا مخاوف من تردد صناع الأفلام العرب فيالمشاركة في البرنامج لكننا اكتشفنا العكس تمامًا وأن عددالافلام العربية هذا العام قد يكون أكبر من أي دورة سابقة.
هناك فيلم مصري طويل واحد أعلن عنه حتى الآن في المسابقة الدولية، هل واجهتم تحديات في اختيار أفلام مصرية للمشاركة في المهرجان؟
لا أرى أن كون المهرجان يحدث في مصر فإن عليه أن يولي عنايةخاصة بعرض الفيلم المصري. مهرجان القاهرة السينمائي هومهرجان دولي بالأساس. ويهمنا دعم الفيلم المصري لكن منخلال عرضه في مهرجانات أخرى خارج مصر سواء في فينيسياأو في البحر الأحمر أو غيره من المهرجانات. هناك ايضًا هذاالعام برنامج جديد هو بانوراما الفيلم القصير يضم عدد كبير منالأفلام القصيرة لصناع افلام مصريين لكن خارج المسابقة. فالمسابقة الدولية للأفلام القصيرة تقبل بطبيعة الحال عدد محدودمن الأفلام القصيرة المصرية بالمقارنة بالعدد الكبير من الأفلامالمصرية القصيرة التي يتلقاها المهرجان وبعضها افلام ممتازةلكنها أكبر من قدرة المسابقة على الاستيعاب. منافذ عرض الأفلامالقصيرة محدودة لذلك فإن المهرجانات هي المنفذ الوحيد لعرضهاوهذه هي الطريقة التي وجدنا بها أنه يمكننا دعم صناع الأفلامالمصريين ودعم صناعة الأفلام في مصر.
برنامج الأفلام الكلاسيكية أيضًا مكتظ هذا العام بالأفلاموعدد كبير منها أفلام مصرية مرممة حديثًا ما الرؤيةخلف هذا العدد الكبير من الأفلام الكلاسيكية؟
لدينا هذا العام في برنامج الأفلام الكلاسيكية عدد غير مسبوقمن الافلام المصرية الرائعة فهناك اهتمام من حيث الكم والكيفبكلاسيكيات السينما المصرية. نعيش في لحظة يبدو أن الناسفيها أكثر ميلًا للحنين الى الماضي في مواجهة الوتيرة شديدةالسرعة للحياة. كل يوم يصور الناس الاف الصور ولا يبقى منهاشيء بينما في الماضي كانت الصورة الواحدة لها تأثير كبيرجدًا. أعتقد أن هذا وقت مهم جدًا لاعادة التواصل مع تراثناالسينمائي العظيم.
صار من المهم أيضًا الاستجابة للوعي المتزايد بأهمية استعادةوالحفاظ على تراث السينما المصرية الذي تعرض في فتراتطويلة للإهمال وصارت هناك مخاوف ضخمة من أن يتلاشى وأنلا يبقى منه شيء للأجيال القادمة. صارت هناك جهود مهمة جدًامن قبل الدولة ممثلة في مدينة الإنتاج الإعلامى بالتعاون معالشركة القابضة التي بحوزتها عدد كبير من الافلام المصرية لترميم الأفلام، ولا يوجد أفضل من المهرجانات كفرصة لعرضها. حرصنا على أن تكون هذه الأفلام المصرية المرممة متاحة ضمنبرنامج عروض الأفلام في قاعات العرض خارج الأوبرا حتى تتاحالفرصة للجمهور العريض أن يشاهد تراثنا السينمائي بجودةغير مسبوقة على شاشة عرض كبيرة. يضم برنامجنا أيضًامجموعة متميزة من الكلاسيكيات العالمية المرممة إلى جانبجواهر السينما المصرية.
الإنتاج المشترك من القضايا التي يركز عليها المهرجانهذا العام في فعاليات برنامج أيام القاهرة للصناعة لماذاهذا الاختيار؟
الإنتاج المشترك صار هو سمة العصر الحالي في إنتاج الأفلامفي العالم للدرجة التي غيرت قواعد اختيار الأفلام في مسابقةالأوسكار. لدينا اهتمام كبير بمسألة الإنتاج والتوزيع المشتركوهناك فعاليات كثيرة في هذا المجال في برنامج الصناعة. هناكتركيز كبير أيضًا على تصوير الأفلام الأجنبية في مصر من خلالالتعاون مع لجنة الأفلام التي صارت تساهم في إتاحة وتسهيلتصوير الأفلام الأجنبية في مصر وسيتم عرض مجموعة منالافلام الاجنبية التي تم تصويرها هنا. هذا بالإضافة إلى ندوةكبيرة ايضًا في نفس الموضوع بحضور أطراف وجهات فاعلة منالعالم والمنطقة العربية مصر.
في هذا الإطار خصصنا أيضًا مساحة لالتقاء المنتجين والموزعينوالشركات وصناع الأفلام تحت مسمى سوق مهرجان القاهرة، والذي قد لا يكون سوقًا سينمائيًا بالمعنى المتعارف عليه فيالمهرجانات العالمية لكنه يوفر فرصة جيدة جدًا للالتقاء والتفاعلوالنقاش والاتفاق والبحث في مشروعات مشتركة مستقبلية.
لدينا رغبة كبيرة أيضًا هذا العام في أن يعود مهرجان القاهرةالسينمائي الدولي بعد عام من التوقف إلى أن يكون ساحةللالتقاء والتواصل بين الناس من صناع الأفلام والجمهور من كلالشرائح ومحبي السينما والطلاب. من أجل ذلك قمنا بتسهيلاتكبيرة في الحصول على بطاقات الاعتماد لكل الفئات. وجودالجمهور والإعلام والصحافة العربية والدولية والمصرية حولفعاليات المهرجان المختلفة هو ما يصنع حيوية المهرجان ويحققهدفه الأساسي في أن يكون مساحة للتواصل بمختلف أشكاله.
التعليقات مغلقة.