حلقة وصل- ضحى السعفي
أفاد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ان:
● وضعنا المالي جيد جدًا، الميزانية مستقرة، وندعمالصناعة المحلية من خلال رعاة مصريون.
● متضامنون مع الشعب الفلسطيني واللبناني، ومنحقنا أن نبرز قضايانا للعالم من خلال المهرجان
● نقدم فرصة استثنائية للعالم لمشاهدة تراثناالسينمائي المرمم والمترجم
● المهرجان يتمدد من وسط القاهرة إلى المدن الجديدةوأدعو الجمهور للتواجد والاستمتاع بفعالياتالمهرجان
هذا العام كانت الدورة صعبة بعد تأجيل الدورة السابقة، ما هيأهم التحديات التي واجهتكم هذا العام؟ وكيف تجاوزتموها؟
بالفعل، هذا العام كان مليئًا بالتحديات، خصوصًا بعد الظروفالتي مرت بالمنطقة العام الماضي والتي فرضت علينا التأجيل. لميكن بالإمكان إقامة المهرجان في ظل المعاناة التي يعيشهاالشعب الفلسطيني، حيث يُدمر الوطن ويتعرض الآلاف منالأطفال والنساء وكبار السن للقتل. تسبب التأجيل في تعقيداتلوجستية كبيرة بسبب الخطوات التي كانت قد تمت بالفعل لدعوةضيوف المهرجان، مثل حجز تذاكر الطيران والفنادق. تحتم عليناإعادة ترتيب كل هذه الأمور في فترة زمنية وجيزة، والاعتذارللجان التحكيم والتواصل مع الاتحاد الدولي لجمعيات منتجيالأفلام لشرح الموقف ولم يكن من الممكن إعادة جدولة موعدالمهرجان لأن المهرجانات الدولية لا بد أن تقام في مواعيد محددة. مع انعقاد الدورة هذا العام كان علينا أن نبدأ من جديد، ونشكللجان تحكيم جديدة، ونختار أفلامًا جديدة، نظرًا لأن بعضالأفلام التي اخترناها قد عُرضت في مهرجانات أخرى، كماتغيرت ظروف الكثير من أعضاء لجان التحكيم. عملنا بجد لاستعادة ثقة الجميع في المهرجان ونجحنا في إقناعالمهرجانات الدولية الأخرى بتفهم الموقف. ونسعى لإقامة دورةجيدة جدًا هذا العام.
إلى أي مدى مثلت الميزانية والظروف المالية والاقتصادية تحديًا؟
الظروف المالية الصعبة تحدي يواجه جميع المهرجانات في العالم. عندما أسافر وأتحدث مع الزملاء ورؤساء المهرجانات في الخارج، أجد أنهم يواجهون نفس العقبات. مع ذلك، لدينا وضع استثنائيلأننا نعمل بنظام مزدوج يجمع بين القطاعين العام والخاص، حيثلدينا الرعاة والدعم الحكومي. نجحنا هذا العام في استعادة ثقةالرعاة ومن الجهة الأخرى فإن الدولة تدعم مبادراتنا وتوفر لناالتسهيلات والإمكانيات اللازمة. يمكنني القول أن وضعنا الماليجيد جدًا هذا العام، فالميزانية مستقرة وتتيح لنا العمل بفاعلية. لدينا عدد كبير من الرعاة وغالبية الشركات المتعاونة معنا هذاالعام هي شركات مصرية، مما يعكس دعم مهرجان القاهرةالسينمائي الدولي للصناعة المحلية. لدينا على سبيل المثال منالرعاة شركة “فريش”، وهي شركة مصرية بالكامل، بالإضافةإلى “سبيروسباتس” التي عادت بقوة، بالإضافة إلى بنك مصر، الذي أسس أستوديو مصر، وهو يعد شريكًا مهمًا لنا نظرًا لدورهالتاريخي في السينما المصرية. علاوة على ذلك، لدينا شراكاتمع شركة مصر للطيران وهيئة تنشيط السياحة، كما يقامالمهرجان في فندق سوفيتيل. بفضل هذه الشراكات المتميزةاستطعنا أن نضمن إطلاق الدورة الجديدة من المهرجان بشكللائق. وتجدر الإشارة إلى أننا أصررنا على مقاطعة أي شركة أوجهة موجودة على قائمة المقاطعة لأننا مؤمنون بقضية الشعبالفلسطيني وهو موقفنا الثابت الذي يتجاوز أي تحديات.
بالنسبة لدعم الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، كيف يظهرذلك هذا العام من خلال فعاليات وبرامج المهرجان؟
هناك الكثير من الفعاليات لدعم الشعب الفلسطيني واللبناني فيدورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام. إبادة الشعبالفلسطيني أمر غير مقبول ولا يمكن التسليم به تحت أي ظرف. وهو موقفنا نفسه من الاعتداء على الشعب اللبناني حيث تُحاولالقوى الاستعمارية الهيمنة على الدول العربية وبالتأكيد كلالتضامن مع الشعب اللبناني.
قرار تأجيل الدورة الماضية من المهرجان كان دعمًا للقضيةالفلسطينية، وكذلك قرار استئناف المهرجان الذي قررنا أن نبرزمن خلاله صوت القضية الفلسطينية. خلال زياراتي للمهرجاناتالدولية على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة لاحظت أن العديد منهامثل برلين وفينيسيا يتناول القضايا السياسية، ويركز على الحربفي أوكرانيا التي يتضامنون معها. وأعتقد أنه يحق لنا فيمهرجان القاهرة السينمائي الدولي أن نتحدث عن قضايانا، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني. لم أكنلأقرر إقامة المهرجان هذا العام لولا أنني وجدت أنه من حقنا أننطرح قضيتنا أيضًا من خلال منصتنا الوطنية وأن نعلن منخلالها عن تضامننا وأن نجعلها فرصة لتسليط الضوء علىمعاناة الشعبين الفلسطيني واللبناني، وتعبير عن تضامننا معهم.
هناك فريق عمل جديد يقود المهرجان تحت رئاستك، فكيف يبدوالعمل مع فريق جديد في لحظة محملة بالتحديات الذاتيةوالموضوعية؟
هذه النقطة مهمة جدًا، ويجب التركيز عليها. مهرجان القاهرة هوأحد مهرجانات الفئة الأولى وينبغي أن يحافظ على مستوى يليقبوضعه الدولي. هذه هي النقطة الجوهرية التي ينبغي ألا نحيدعنها والتي يجب أن يجتمع عليها فريق إدارة المهرجان. طوالالسنوات الماضية كانت لدي رؤية واضحة تعكس طموحناللمهرجان واعمل جاهدًا على تنفيذها. أنا مؤمن أن التوافق بينيوبين فريق الإدارة حول هذه الرؤية أساسي دون وجود تناقضفي وجهات النظر. وأرى أن التناغم بين أعضاء الفريق كانملموسًا بشكل كبير هذا العام، مما ساهم في تعزيز جهودنالضمان نجاح المهرجان.
ما الذي تعتبره أبرز الملامح للدورة الحالية؟
بالتأكيد لدينا برنامج أفلام قوي ومهم جدًا. لكن ما أود التركيزعليه هو أن الدورة الحالية ستشهد تركيزًا كبيرًا على القضيةالفلسطينية من خلال تسليط الضوء على السينما الفلسطينية. نحن نؤمن بأهمية إبراز هذه القضايا من خلال الفن والسينما، حيث يعكس كل فيلم قصة ومعاناة شعب. كما سيكون هناكايضًا اهتمام خاص بقضية الشعب اللبناني والسينما اللبنانية. نحن نسعى إلى تقديم منصة للفنانين وصناع الأفلام منفلسطين ولبنان لعرض أعمالهم، وذلك ليس فقط للاحتفاء بالفنولكن أيضًا لإيصال رسائل قوية للعالم عن معاناة هذه الشعوبوتطلعاتها. أبرز ملامح الدورة الحالية من مهرجان القاهرةالسينمائي الدولي أنها تسعى لأن تعكس القيم الإنسانية التينؤمن بها.
ما رؤية المهرجان هذا العام لتعزيز دعم الشباب وطلاب وصناعالسينما، في ظل تزايد البرامج والعروض المخصصة لهم فيالدورة الحالية؟
ترأست مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لأربع دورات متتاليةمن عام 1998 وحتى 2001، ثم عدت لتوليه مرة أخرى في العام2022. لطالما كنت مهتمًا بدعم الشباب من صناع وطلابالسينما؛ فأنا نفسي كنت طالبًا في معهد السينما يومًا ما، وكنت أحضر المهرجان وأشاهد الأفلام. حينما كنت رئيسًاللمهرجان سابقًا، كنت أحرص على إرسال أفلام المهرجان لطلبةالمعهد، حيث كانت تُعرض في قاعة سيد درويش، كما كنت دائمًاحريصًا على توفير تذاكر مخفضة لطلاب معهد السينما وطلابالجامعات عمومًا. نسعى دومًا لتقديم كل التسهيلات لمن يهتمونبصناعة السينما ويرغبون في مشاهدة أفلام من ثقافات مختلفةحول العالم، لأن هذا هو ما يهمني؛ أن يكون المهرجاناستعراضًا لثقافات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ونافذة علىأفلام مميزة تختلف عن تلك التي تُعرض في القاعات طوالالعام. إنها فرصة ثقافية وفنية مكثفة أحرص على أن يستفيد منهاالشباب عامةً وليس فقط طلاب وصناع السينما.
هذا العام، نشهد أيضًا دعمًا أكبر لصناع الأفلام من خلال زيادةعدد مشاريع الأفلام المشاركة في برنامج ملتقى القاهرة للصناعةمقارنةً بالسنوات السابقة. كما نعيد إحياء سوق مهرجان القاهرةالسينمائي الذي توقف منذ سنوات طويلة. حين كنت رئيسًاللمهرجان سابقًا، أسست هذا السوق ليكون منصة لاستعراضمعدات سينمائية جديدة لم تكن متوفرة في مصر آنذاك، وقد حققنجاحًا كبيرًا، حيث تم تمديد المعرض من ثلاثة إلى ستة أيامبسبب التفاعل الكبير من المنتجين الذين تعاقدوا على تلك المعدات. أؤمن أن المهرجان يجب أن يشمل فعاليات متنوعة تدعم صناعةالسينما وصناع الأفلام، وأن عودة السوق السينمائي لمهرجانالقاهرة خطوة مهمة تعيد للمهرجان حيويته وتواكب التطوراتالمستمرة في عالم المهرجانات.
على جانب آخر، أعتبر أن الاهتمام الكبير بترميم تراثناالسينمائي في هذه الدورة يشكل خطوة بالغة الأهمية في دعمصناعة السينما وتعزيز الروابط بين الأجيال. إنني متحمس للغايةلمشروع ترميم كلاسيكيات السينما المصرية العظيمة، بالتعاون معالشركة القابضة ومدينة الإنتاج الإعلامي. تمكنا هذا العام منترميم عشر أفلام، وهناك اثنا عشر فيلمًا آخر قيد الترميم. كماسيتم تزويد جميع الأفلام المرممة بترجمة تتيح أيضًا للجمهورالأجنبي فرصة الاستمتاع بتراثنا السينمائي الغني. كل هذهالجهود تعكس التزامنا الراسخ بدعم صناعة السينما المصريةوالحفاظ على إرثها.
هناك خطوات ايضًا لتوسع عروض المهرجان في مناطق أبعد مننطاق دار الأوبرا ومحيطها في وسط القاهرة ما الذي تتطلعونإليه من خلال هذه الخطوة؟
كانت عروضنا مركزة حول محيط دار الأوبرا حيث يُقام المهرجان. ولكن اليوم، تمكنا من التوسع الى المدن السكنية الجديدة علىأطراف القاهرة مثل مدينة أكتوبر والتجمع الخامس من خلالالشراكة مع سينما فوكس. برأيي أنها خطوة مهمة جدا وضروريةحتى يصل المهرجان إلى فئات اوسع من الجمهور خاصة هؤلاءالذين لم تعد منطقة وسط القاهرة تمثل المركز الحيوي بالنسبةلهم مع توسع المدينة.
هناك أيضًا اهتمام متزايد بالتواجد المكثف للصحافة العربيةوالدولية، هل هذه الخطوة مهمة برأيك لاستعادة المهرجان لصورتهاللائقة به في العالم؟
هناك اهتمام كبير جدًا من الصحفيين العرب والأجانب للتواجدفي مهرجان القاهرة. لدينا صحفيون من جميع أرجاء الوطنالعربي، بالإضافة إلى عدد كبير من الصحفيين الأجانب. كماوسعنا نطاق الشراكة مع المجلات والمواقع المتخصصة المهمة مثلمجلة فوربس الأمريكية الشهيرة، بالإضافة فاريتي وسكرين ديليوفيلم فيرديكت. هناك أيضًا منصات مهمة مثل “واتش ات” و”شاهد” مهتمون جدًا بالمهرجان في هذه الدورة. أنا سعيد بهذاالتواجد وأتمنى أن يزداد اتساعًا.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يولد من جديد. وكأن التوقفالذي حدث في العام الماضي وقفة صحية تمكنا فيها من جمعأوراقنا واستعادة تماسكنا وإعادة حساباتنا. إنها بمثابة بدايةجديدة رائعة للمهرجان، أو كما يطلقون عليه باللغة الإنجليزية”come back”. وأنا أرى أن العودة قوية وأتمنى أن يستعيدالمهرجان مكانته من خلالها. أدعو الجمهور للتواجد وحضورالفعاليات المختلفة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، من برنامجأفلام قوي ومتنوع الى فعاليات مهمة بالإضافة إلى التواصل معضيوف المهرجان من صناع الأفلام والنجوم. أود أن أذكر أنالدورة الأخيرة للمهرجان حققت مبيعات تذاكر عالية جدًا، حيثوصل عدد الحضور إلى 45,000 مشاهد. وأتمنى أن نتجاوز هذاالعدد بشكل كبير ونصل إلى أعداد أكبر.
التعليقات مغلقة.