العنف المدرسي تحت مجهر التحليل
حلقة وصل- علي الفالحي
العنف المدرسي هو ظاهرة يمكن دراستها من جوانب متعددة ، فكيف ساهمت المدرسة في تأثيث مناخ عنيف؟ ما دور الاعلام في بناء النموذج المجتمعي العنيف؟ دور مجتمع الاستهلاك في انتاج طفل مشوه هجين؟ دور النظام التربوي في خلق وعي تلمذي مقولب؟
لا يمكن تشريح الظاهرة الا من خلال مقاربة متعددة العوامل une étude multifactorielle كيف ساهمت المدرسة في تغذية العنف؟ ان مدرسة القهر البيداغوجي، التي اصبحت فيها قيم الكفاءة والتميز المدرسي هي قيمة القيم لا يمكن الا ان تنتج عقولا مقولبة غير محمية بالقيم الاخلاقية، فالتلميذ المقهور بيداغوجيا سيرد الفعل يوما ما بطريقة صريحة او خفية… الاسرة اليوم ومن خلال مجتمع الاستهلاك اصبحت في سباق محموم نحو الشهائد العلمية course aveugle vers les diplômes selon Barnard Charlot… مدرسة الكفايات هي مدرسة السوق التي اعدمت كل قيمة انسانية فهي مبنية على قيم compétences et concurrences…وتلفظ خارج اسوارها من يفشل في السباق المدرسي المحموم…فهو يرى امام عينيه ويعيش لحظة اغتراب مدرسي قاهرة…فتكون ردات فعله انتقامية سواء علانية او مخفية.
الاسرة: لم تعد الاسرة تضطلع بدورها التربوي، فالانحلال الاسري يكون اول ضحيته الاطفال الذين تلتقطهم زمرة الاقران فيتجهون الى عوالم الانحراف بكل اشكاله الواقعية او الافتراضية دون ان ننسى ان الاسرة حين تفشل في السباق المحموم غير متكافئ القوى امام الاسر المحظوظة فهي تعزو فشلها الى المعلم والمدرسة وتخلق علاقة عدائية مع العالم المدرسي
دور الاعلام: الذي خلق عبر مسلسلاته نموذجا جديدا للاطفال والشباب، هو نموذج الشاب مفتول العظلات الذي يقتل وينتقم ويسلب ويفك حقه بالقوة في ردوسط عالم من الاشرار… الاعلام الذي ساهم في ترذيل وتبخيس صورة المدرسة والمعلم وشجع بصورة او بأخرى على التمرد على الجميع… وعلى المؤسسات الاجتماعية الرسمية
الدور السياسي: حين نرى مشاهد العنف الجسدي واللفظي داخل اروقة اعلى مؤسسة رسمية، مجلس النواب الذي سالت فيه الدماء، ورأينا بام اعيننا كل انواع العبث والممارسات الدنيئة والمبتذلة من نواب الشعب، رأينا الصفع بالكف، رأينا السب واللكم، رأينا سوقا للدواب… كل ذلك عزز قيم العنف وغذاها
المنظومة التربوية: التي بنت مقارباتها البيداغوجية على قيم الفردانية، معتبرة الطفل محور العملية التربوية،،، وهي مقاربة مخاتلة ساهمت في تضخيم هوية المتعلم الطفولية وتقزيم هوية المعلم الذي اعتبر مجرد خادم لهذا الإلاه الصغير،،،الذي تحول الى مارد قلب الطاولة على الجميع بمن فيها الاسرة والمدرسة والمجتمع….
وزارة لم تفتح ابواب الاصلاح التربوي بكل جدية،،، وجميع شركائها يتعاملون مع الاصلاح بمنطق الغنيمة القطاعية ادى الى نتيجة واحدة،،،اننا جميعا سندفع ثمن غبائنا بطريقة او بأخرى
ما نشاهده من عنف هو نتيجة حتمية لما زرعناه جميعا كمدرسة، كأسرة، كاعلام، كدولة وكمنظومة تربوية قاهرة… حين تتحول المدرسة الى مكينة عمياء تطحن المعلم والتلميذ والاسرة، فان مخرجاتها لن تكون سوى اطفال مشوهين معرفيا ووجدانيا واجتماعيا،،،اطفال فاقدين لقيم الطفولة بل هم اقرب الى كائن هجين ووحش همجي … وهكذا تعض الافعى ذيلها
علي فالحي باحث في علوم الترببة او هكذا تحدث الآخر الهامشي على قمم الهرم المقلوب
التعليقات مغلقة.