الصين تدعو إلى التركيز على التعاون الدولي والتمسك بالتتبع العلمي لمنشأ فيروس كورونا
حلقة وصل _ وكالات
منذ أكثر من سنة، اجتاح فيروس كورونا كل أصقاع العالم وتسبب في جروح وآلام شديدة في كافة دول العالم. وأصبح وضع الوباء أكثر تعقيدا مع ظهور التحور المتكرر لفيروس كورونا المستجد. وتعتبر جائحة فيروس كورونا المستجد العدو المشترك للبشرية جمعاء، وبالتالي فلا يمكن الانتصار على هذا الوباء إلا بالتضامن والتعاون والعمل جميعا على استعادة النمو الاقتصادي الذي يبقي الهدف الأسمى والغاية المشتركة التي يرنو إليها المجتمع الدولي.
إن الصين بصفتها أكبر دولة نامية وعضوا مسؤولا في المجتمع الدولي ظلت ملتزمة بمفهوم مجتمع الصحة المشتركة للبشرية، فكانت لها المساهمة الفعالة التي استمدت مبادئها من الحكمة الصينية كما تقدمت بالحلول الصينية في معركة العالم ضد الوباء.
تعمل الصين على تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الوباء بمبادرات ملموسة، وتدعو إلى التضامن الدولي.
تؤمن الأمة الصينية دائما بأن “الكل تحت السماء من عائلة واحدة”، وتدعو إلى “حب جميع الناس والمخلوقات”. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أشار إلى أن التضامن والتعاون هو أقوى سلاح لهزيمة الجائحة داعيا إلى أن نجعل إشراق التعاون يبدد ضباب الوباء. وبناء على هذه الفكرة الإرشادية، تدعم الصين بفعالية التعاون الدولي لمكافحة الوباء. كما أطلقت الصين أكبر عملية إنسانية على المستوى العالمي، منذ تأسيس الصين الجديدة، فقدمت للعالم أكثر من 290 مليار كمامة و3.5 مليار لباس واق و4.5 مليار طقم اختبار. وتلتزم الصين التزاما صادقا بتعهداتها الجادة بشأن توفير اللقاح كمنفعة عامة في العالم، وتسعى إلى التغلب على صعوبات الطاقة الإنتاجية المحدودة وارتفاع الطلب الذاتي على التلقيح، حيث قدمت 800 مليون جرعة من اللقاحات كهبة لأكثر من 100 دولة في العالم، لتصبح الدولة التي قدمت أكبر عدد من اللقاحات للدول النامية.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أعلن، قبل أيام، في رسالة مكتوبة إلى الاجتماع الأول للمنتدى الدولي للتعاون بشأن لقاحات كوفيد19، أن الصين ستوفر ملياري جرعة من لقاحات كوفيد-19 للعالم، وستمنح 100 مليون دولار ل”برنامج كوفاك” خلال هذا العام. وتواصل الصين السعي إلى جعل اللقاح ضد الجائحة متاحا للدول النامية، بما من شأنه أن يوفر مساهمات أكبر لضمان أمن الصحة العامة للعالم.
منذ تفشي الجائحة، تعاونت الصين وتونس في مكافحة الوباء وتواصلت بذلك كتابة قصص الصداقة المميزة بين البلدين. وتوجه الرئيس التونسي قيس سعيد إثر تفشى الوباء في الصين على الفور، برسالة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ للتعبير له عن تضامنه وتضامن تونس مع الصين. كما مدَت تونس، حكومة وشعبا، يد العون للصين. وبالمقابل، في مارس وأوت من العام الحالي، قدمت الحكومة الصينية دفعتين من مساعدات اللقاح إلى تونس تقدر ب600 ألف جرعة. وقدم الجيش الصيني والشركات والمقاطعات والمدن الصينية مستلزمات طبية إلى تونس حتى تتمكن من الرفع من قدراتها في مكافحة الوباء. تمكن الجانبان الصيني والتونسي من تجاوز الصعوبات بفضل الجهود المشتركة وبروح الفريق الواحد.
وتمكن البلدان من صياغة فصلا جديدا في مسار ” تعميق الصداقة الأخوية”. وتستعد الصين، اليوم، للعمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك تونس، لتشييد سور عظيم للمناعة المشتركة، وحماية صحة البشرية، وتحقيق انتصار جديد للانسانية جمعاء في المعركة ضد الوباء، وتجسيد المساعي القيمية المشتركة والمسؤولة بهدف إقامة مجتمع الصحة المشتركة للبشرية.
تواصل الصين تعزيز التتبع العلمي لمنشأ فيروس كورونا المستجد بعيدا عن التلاعب السياسي.
ظلت الصين تشارك بفاعلية وبموقف منفتح وشفاف وعلمي في المساعي العالمية بخصوص التتبع العلمي لمنشأ الوباء. فمنذ تفشي الجائحة، حرصت الصين، على ابلاغ منظمة الصحة العالمية والدول المعنية، منذ اللحظة الأولى، بالمعلومات حول الوباء، مما مكن من توفير الوقت والجهد إلى جانب الحرص على تقاسم الخبرة مع الدول الأخرى في مجال مكافحة الوباء. كما تم توجيه دعوة، في مناسبتين، لخبراء منظمة الصحة العالمية لزيارة الصين لإجراء البحوث حول تتبع المنشأ. وأصدرت منظمة الصحة العالمية، في شهر مارس الماضي، بشكل رسمي تقرير البحث المشترك بين الصين والمنظمة بشأن تتبع المنشأ.
وتوصلت المنظمة العالمية إلى الاستنتاجات والتوصيات التي تبناها المجتمع الدولي والأوساط العلمية. ويعمل الجانب الصيني حاليا على تنفيذ ما جاء من
توصيات في تقرير البحث المشترك. كما تستعد الصين إلى تقاسم ما توصلت إليه في مجال تتبع المنشأ مع مختلف الأطراف. وينطبق التقرير الذي أعدته الصين تماما مع الإجراءات التي أقرتها منظمة الصحة العالمية نظرا لاعتماده في ذلك على أسلوب علمي يتعين على جميع الأطراف احترامه وتنفيذه بما في ذلك منظمة الصحة العالمية حتى يصبح الأساس والدليل في تتبع منشأ الفيروس على المستوى العالمي. وتعتبر أية محاولة لتغيير تقرير البحث المشترك تشويها وتلاعبا سياسيا وازدراء للعلم.
ويعد تتبع منشأ فيروس كورونا المستجد مسألة علمية مصيرية للعالم أجمع وبالتالي فإنه لا يحق لأي دولة تجاهل الأرواح وتسييس المسائل العلمية أو السعي لتشويه سمعة دول أخرى ومهاجمتها فقط خدمة لمصالحها السياسية الخاصة والضيقة. ويواصل الجانب الصيني دائما دعم التتبع العلمي لمنشأ الفيروس والمشاركة في كل الجهود الرامية لذلك. غير أنه يرفض رفضا قاطعا الانسياق في تسييس المساعي الرامية إلى تتبع منشأ الوباء في مخالفة صارخة لقرار مؤتمر الصحة العالمية، ضاربا عرض الحائط بتقرير البحث المشترك بين الصين والمنظمة العالمية.إلى حد الآن، أكدت 70 دولة، في رسالة مشتركة، توجهت بها إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أو من خلال اصدار البيانات، أن ملف منشأ فيروس كورونا هي مسألة علمية بحتة. كما عبرت عن معارضتها الشديدة لكل محاولات التسييس اللامسؤول لهذا الملف داعية إلى ضرورة الحفاظ على مخرجات تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية وإلى ضرورة أن يؤخذ صوت العدالة الاجتماعية الدولية على محمل الجد.
لقد أثبتت العديد من نتائج الأبحاث اكتشاف حالات من الإصابات المبكرة حصلت في العديد من الدول والمناطق وهو ما يتطلب منا توسيع رؤيتنا للمسألة والقيام بتتبع المنشأ متعدد الأماكن والاتجاهات. إن الاقتصار على تحديد أول دولة كانت قد أحاطت العالم بحالة الفيروس على أنها بلد المنشأ وتحميلها المسؤولية في ذلك، لا يمكن اعتباره إلا فشلا وقصورا علميا وانصياعا لا أخلاقيا للهيمنة السياسية وظلما تاريخيا. إن الكشف عن الحقيقة لا يمكن أن يتحقق إلا بتظافر الجهود وتعزيز الثقة في المسار العلمي، والقيام بتتبع المنشأ بالاعتماد على المواقف العلمية، والأساليب والحقائق العلمية دون غيرها.
تحرص الصين على مواصلة العمل مع منظمة الصحة العالمية والدول الأخرى، بما فيها تونس، لدعم روح العلم والاحتراف والموضوعية، والحفاظ على الجدية والصبغة العلمية لبحوث، عالية الجودة، المنجزة في مجال تتبع المنشأ. كما تؤكد ضرورة الوقوف معا في وجه التيار المضاد الذي يحاول تسييس مسألة التتبع، حتى نتمكن جميعا من حماية وتحسين المناخ الجيد للتعاون الدولي في مكافحة الوباء والحفاظ عليه سويا.
التعليقات مغلقة.