الفشل في الحرب والسلام أين سيقود إسرائيل؟
بقلم : باسل ترجمان
مع استمرار العدوان الاسرائيلي على غزة ووسط عجز واضح على امتلاك الجيش الذي لا يقهر القدرة على حسم المعركة كما تعود او أوهم نفسه بذلك، تتواصل الحرب لتخفي العجز عن تحقيق مكسب سياسي ولو صغير لحكم يعبر عن فشل كامل في ادارة الشأن العام في دولة الاحتلال.
هبة الشيخ جراح المتمددة وصلت من القدس الى غزة ومدن الضفة وافقدت الجيش الاسرائيلي قدرة المبادرة واتخاذ القرار بالسير نحو الحرب المفتوحة أو بالسعي لوقف اطلاق النار، وشلت قدرات مؤسسة الحكم الذين بان عجزهم فاضحاُ في السير بأي اتجاه يريدون.
إسرائيل فشلت في تحقيق أي من اهدافها التي وضعتها تباعاً وبسوء تخطيط واضح بعد الاشتباك السياسي الجماهيري في محاولة تهجير ابناء حي الشيخ الجراح وتغيير الواقع الديمغرافي فيه، ثم محاولة خلق ازمة داخل المسجد الاقصى على أمل تحقيق مكسب ولو موطئ قدم داخل الحرم، وتصدى لهم ابناء القدس ومعهم ابناء الاراضي المحتلة عام 1948 وشكل الموقف السياسي الفلسطيني الاردني الحازم حجر الزاوية الذي اسقط المحاولة وافشلها.
التحرش بالمقاومة في قطاع غزة لتغطية العجز والفشل في حي الشيخ جراح ثم في القدس قاد إسرائيل لنفس النتائج التي حصدتها في الصدامات السابقة، وكشف انهيار مؤسساتها صانعة القرار السياسي وفقدان القدرة على المبادرة الميدانية والحسم العسكري بحكم التصدي الشجاع للمقاومة التي طورت قدراتها في السنوات الخمس الماضية والاستكانة لفهم القوة التي لا تقهر والمحاطة بغطاء سياسي دولي يجعل إسرائيل خارج المساءلة والحساب.
سياسة الغطرسة التي قاد بها نتنياهو الحكم في إسرائيل على امتداد اربع سنوات من حكم الرئيس الامريكي الاسبق دونالد ترامب والذي اراد تسويق ما سمي حينها «بصفقة القرن» جعلته يرى في دول المنطقة وشعوبها أشبه بالحكايات المسلية ولم يستفق من اوهامه الا مع سقوط الصفقة وضياع رهان احمق على حكاية غبية.
العدوان على غزة فشل في تحقيق أهدافه، وإسرائيل ستقف مرة اخرى على حجم خسائرها وفشلها في كل الاتجاهات وعلى تراجع قدرتها على الفعل العسكري والسياسي وهذا سيطرح تساؤلات في العمق داخل إسرائيل، وماذا بعد الفشل العسكري هل ستجتمع ما تسمى مراكز الابحاث والدراسات التي توهم نفسها بأن لديها معلومات وتحليلات دقيقة اعدها عباقرة لكل الاوضاع سواء في الحال الفلسطيني او في الجوار العربي وبان بالكاشف أن كل ما خرجت به كانت تقديرات خاطئة واسقاط افكار جوفاء على الواقع.
كشف حساب الفشل سيكون عسيراً على منظومة حكم تبيع اوهام الأمن والسلام لشعبها بمفهوم غطرسة القوة، والعجز عن تحقيق نصر عسكري كان نتنياهو يتوقع حصوله سيزيد من تعميق الازمة السياسية في إسرائيل، ويحرك الاوضاع اما باتجاه مزيد الانغلاق والتطرف اليميني الديني الذي صار يهيمن على الكثير من مساحات الحياة السياسية فيها وما سيقود له من عدائية اكبر تجاه الفلسطينيين ودول الجوار، وأما سيكون هناك من يملك الشجاعة ليتحدث عن مكاسب اسرائيل من رفض وتعطيل اقامة السلام في المنطقة وانهاء النزاع.
منذ مؤتمر مدريد للسلام 1991 لم يكن في إسرائيل سياسي قابل وقادر على تحقيق السلام، وحصاد الفشل في السلام والحرب سيحدد وجه إسرائيل القادم التي تزداد ضعفاً وتفككاً، والجولة الجديدة من الصدام الذي اختارت إسرائيل توقيت دخوله اظهر معطيات جديدة في الميدان ومتغيرات في المواجهة بدخول اجيال جديدة في القدس ومناطق 48 لا ترى في إسرائيل وقوتها ما تحاول ان توهم به إسرائيل العالم بانها قوة لا تقهر.
التعليقات مغلقة.