حكايات موريتانية.. الظلم للمرأة ثقافة مجتمعية حكاية من الواقع
بقلم : محمد الشيخ محمد عبدالله آلا
إنتقلت أمي وجدتي من الريف إلى مدينة روصو في الثمانينات من القرن الماضي مع جدتي وأخوالها(إخوة وأخوات جدتي من الأم) في أواخر الثمانينات زفت أمي الى أبن عمها الغني وهي في ريعان شبابها ذاتَ حسنٍ وجمال وذهب بها إلى العاصمة نواكشوط أنجبت منه فتاة، طلقها بعد ذلك بقليل كما فعل بالكثيرات.
إنتقلت أمي وجدتي إلى نواكشوط حيث اشترت قطعة أرض فارغة في منطقة عرفات، بعدَ عدة سنوات تزوجَ أبي بأمي مرة ثانية وبعدَ إنجابي مباشرة طلقها كما فعلَ بالعشراتْ، ربتني أمي أنا وأختي من عرقِ جبينها كان يأتي الهلال ثم الهلال ماوقدت نارٌ في عريشنا في تلكَ السنواتْ ذهبَ آبائنا إلى نساءَ أخرياتْ ونسونا، في سنة 2000 توفتْ جدتي باعتْ أمي تلك القطعة الأرضية والتحقت بإخوتها من الأب في السعودية، ولأنهاَ لا تريد أن نكبر فيمنَ علينا إخوتُها من الأبِ أنهم ربونا ولا تريدنا أن نصبح مثل مئات الشباب الموريتاني الذين انحرفوا في السعودية بسبب التسرب المدرسي هناك، عادت بنا إلى موريتانيا بعد 9 أشهر فقط في السعودية لكي ندرس ولكي تربينا بعرقِ جبينها، استأجرنا منزل في منطقة عرفات بمبلغ زهيد .
كانت أمي تداوم في مستشفى تعملُ كقابلة غير رسمية، سبقَ وحصلت على شهادة خاصة لكنها لم توفق في النجاح في امتحان القابلات الرسميات، كانَ راتبها رمزياً لأنها غير مرسمة، في تلك الفترة لانعرفُ أين هم آبائنا، لا زيارة لا نفقة لاشيء..!! بالعلم أنهم أغنياء جداً لكن لا حياة لمن تنادي. في سنة 2003 تزوجت أمي من ابن عم لها آخر كان كريماً ساعدنا في النفقات.
في سنة 2004 أنجبت له أخي الصغير فاشترى لنا منزلاً في مقاطعة أخرى في سنة 2006 طلقها تركَ لنا المنزل وذهب، كنتُ في الإبتدائي حينها، في سنة 2013 أخبرها بأنه يريد المنزل وأنه يريدها خارجه في أقرب وقتْ، بكتْ كثيراً لأنها لا تعرف من أينَ ستجدُ منزلاً آخر وبماذا ستؤجره، إتصلَ عليها لاحقاً وأخبرها أنه سيعطيها عريشا في مقاطعة توجونين داخل قطعة أرض سيتم هدمه قريبا وتحصل عن طريقه على قطعة أرض في الترحيل وبهذا تتم صفقة التبادل قطعة أرض مقابل منزلي هذا ما كان يريده.
قبلت أمي بذلك بعدَ فترة من الذهابِ والإياب والسكن في ذلك العريش بعيداً عن أبنائها والكثير من التعب والإرهاق خرجت لها تلك القطعة الأرضية. تركت له المنزل رغم أنه استأجره لها لما يقارب سنة واستأجرت منزلا آخر في حب كرفور، لم نستطيع أن نسكن في الترحيل لأنه ما من مدارس ملائمة هناك ولأنه وبكل بساطة ليس لدى أمي ماتعمر به تلك القطعة الأرضية، كنت في الإعدادية في تلك الفترة، بعدة عدة سنوات تراكمت عليها الديون ( ديون الإيجار، المدرسة، الحانوت، المعيشة وغيرها) فأرادت أن تبيع تلكَ القطعة الأرضية لكي تقضي ديونها، سمع زوجها السابق بذلك، أب أخي الصغير فاتصلَ بها وأخبرها أن القطعة الأرضية له وأنه لايمكنها أن تبيعها، وأنه أعطاها لابنهِ وليسَ لها وأن مال إبنه هو مالهُ. في النهاية لم تستمع لترهاته باعت تلك القطعة من الأرض وقضت بعض ديونها، لكنه ظلَ يلاحقها يريد تلك القطعة دون مراعاة لمروئته ولا شرفه المعدومين.
كانت أمي تعيلني وإخوتي من عرقِ جبينها باعت الغالي والنفيس حتى دخلتُ الجامعة وحفظَ أخي القرآن ودخل الإعدادية دون مساعدة آبائنا ولا حتى باي مبلغ. هذا جزء يسير بسيط من معاناة المطلقات في بلاد السيبة في بلاد القبيلة البائسة، لم ، وهذه حالة واحدة أو مثال واحدة من آلاف الأمثلة.
لم أدخل في تفاصيل التفاصيل بل اختصرت وتخطيت الكثير لكي لا أطيل، يجب سن قانون يحمي المطلقاتْ وإنصافهن وإنصاف طحايا الطلاق أي الأبناء، جدير بالذكر أنَهم رجال دين ومروءة وعفة، بالله عليكم أين الدين والمروءة والعفة من هذا. غالبية من يسمون أنفسهم برجال الدين هم آفة هذا البلد لايمكننا أن نحترم رجل دين ولا شيخ لا يحترم النساء ولاينفق على أولاده لأنها حقوقٌ مشروطةٌ عليهم في الإسلام والقانون.
التعليقات مغلقة.