كوب شاي للذاكرة
بقلم : الثريا رمضان
كذلك تكسرني التباسات القلوب
ثم أغلي الشاي على نار هادئة
وأنساه…
يحترق البراد
ولا تحترق معه ذاكرتي
.. جرحي يلامس النار…
يكذب علي..
يقول أن الشاي المغلي سيقفله…
وأنا الحمقاء الجالسة خلف ستارة مثقوبة
أحرق جرحي…
أصرخ من شدة الذاكرة…
وأعود أدراجي نحو مخيلتي البائسة..
لا شيء يزعج الوقت سوى حروقي…
تتورم وسط الساعات فتوقف عقاربها….
شربت الشاي وجرحي ملفوف في شاش حزين…
أشعلت لفافة التبغ…
فتحت التلفاز…
وجهزت بصري لصياغة جديدة للحريات…
مذيعة الأخبار عابرة للوقت…
تبرد أظفار الوطن…
ثم تنثر علينا غبارها…
جرحي يوجعني…
والمسافة بيني وبين الكوب نصف أغنية وخبر عابر….
عن حروب هتكت أعراض شعوب…
فنامت النسوة وسط الخرائب…
وانفلقت رؤوس الأقلام في صفحات الشجن…
لن يغير التاريخ اسمي…
لكنه يغير دائما قبلتي…
وأقبية رطبة يحشر فيها قلبي رأسه..
كلما ربيت اسمي تحت شجرة…
خرج عليه ظل…
كسر ألِفه…
أقول والشاش يكبس جرحي القنابل التي توجع أطفال الحزن تفجرني قبلهم… فلتخرس مذيعة الأخبار قليلا..
هذا الوطن يمسك يدي نحو المجهول…
ويدي موجوعة…
لا تقترب من كوب شايي ..
هو ما تبقى لي هذا المساء…
بعد أن شربت حزن الحانات…
ورقصت بين قوارير الجعة حافية…
وسكرت بالوجع…
غيّر الموضوع…
أو أخرس مذيعة الأخبار…
فالنار التي فتحت جرحي تحب جلدي…
وتتلذذ بصوت الانفجارات على الشاشة…
غيّر القناة…
أريد أغنية تسد رمق المساء…
تكذب علي قليلا…
تقنعني أن حظي زنبقة لا يلمسها الرصاص…
أو قرنفلة تفتح تاجها للشمس كل صباح…
أو ورقة لم تطوها ذراع مكسورة…
هذا الليل أعرج…
يذكرني أن الشاش مثقوب…
كالستارة تماما…
تمر منه الأخبار كالرصاص…
لتثقب جلد الوقت..
وتثقب الجرح أكثر…
التعليقات مغلقة.