عندما يكون العلاج أخطر من المرض
بقلم : مصطفى كمال النابلي
نعم، يجب أن نقر بوجود اشكال في استعمال الجمعيات والعمل الخيري كغطاء لأغراض سياسية، وبروز وجوه تستعمل الثغرات القانونية لتوظيف وسائل الاعلام بصفة غير أخلاقية للاشهار السياسي. ونعم، أنا متخوف من عدم قدرة هذه الحركات على مواجهة التحديات التي تواجهها تونس خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي واعتمادها على استقطاب الناخب عبر تغذية المشاعر.
لا أدعم هذه الحركات، لكن ماهو مقترح لحل المشكل أخطر من المشكل لأنه لا يحافظ على الديمقراطية بل سيقتل الديمقراطية هو مشروع démocraticide.
القانون المقترح يتعارض مع المبادئ الأساسية للديمقراطية باستعمال القانون لاقصاء المنافسين عبر التطبيق الرجعي واستعداف اشخاص ومجموعات بذاتها. انه تحيل سياسي أخطر من التحيل الذين يريدون مواجهته. انه اعتراف واضح بفشل منظومة الحكم وعدم قدرتها على مواجهة خصومها سياسيا وعدم القدرة على التفوق على مشروعهم وغرضهم السياسي الضعيف الهزيل .. وياله من فشل !
عندما يكون العقاب الانتخابي أشد والحساب السياسي مغلوط.. من يظن أنه سيحافظ على وجوده السياسي ويؤمن نجاحه الانتخابي عبرمثل هذا القانون الاقصائي سوف يفاجئ بأن عقاب الناخبين له سيكون اشد يوم الانتخابات.
ستتعمق عدم ثقة المواطن والناخب التونسي في الطبقة السياسية والمنظومة الحاكمة الان- وسوف يجد طريقة أخرى لمعاقبة هذه الطبقة عبر التصويت لبدائل أخرى أو العزوف تماما عن التصويت. الحسابات السياسية التي تنبني عليها مثل هذه القوانين ومثل هذا العمل السياسي مغلوطة من الأساس.
عندما تفقد تونس مصداقيتها وتتعمق أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، يستوجب الخروج من الازمة الاقتصادية والمالية الخروج من الازمة السياسية وأزمة الحوكمة التي تعاني منها البلاد.
كان من المفترض أن تتظافر الجهود لاصلاح النظام السياسي والعمل السياسي ليصبح أكثر مصداقية ونجاعة لمواجهة التحديات وذلك بالبناء على أكبر مكسب منذ الثورة وهو النظام السياسي المقترح والذي يبني لديمقراطية متطورة. والكثير من الدعم الخارجي والأمل الداخلي مبني على هذا المكسب.
ان قتل الديمقراطية بمثل هذا القانون الاقصائي أو بتأخير الانتخابات لأسباب واهية سوف يعمق الأزمة السياسية وتخسر تونس مكسبها الوحيد. ولن تكون العوقب الا وخيمة بتعمق الازمة الاقتصادية والمالية وخسارة الدعم والتقليل من مصداقية البلاد.
سوف يكون أوضح للجميع بأن لا هم لهذه المنظومة السياسية الا الحفاظ على مواقعها ومقاعدها ولييس خدمة تونس أو حل مشاكل التونسيين.
وستكون العواقب وخيمة.
المصدر : بيزنس نيوز
التعليقات مغلقة.