شبح الغلق يخيم على قرى “آس أو آس” تونس، والمصير المجهول يتهدد الأطفال فاقدي السند
حلقة وصل _ وات
بعد رفع الفدرالية العالمية لقرى “آس أو آس” الدعم عن قرى تونس، صار شبح الغلق يخيم على قرية المحرس وباقي القرى بسليانة وأكودة وقمرت، وبات مئات الأطفال فاقدي السند الذين تأويهم هذه القرى منذ عقود يواجهون مصيرا مجهولا مخيفا.
هذه الحقيقة المخيفة، هي أبرز ما يمكن استخلاصه من الندوة الصحفية وزيارة الوفد الإعلامي التي احتضنتها قرية “آس أو آس” محرس من ولاية صفاقس مساء أمس الأحد 19 ماي 2019 والتي أجمع المشرفون عليها مركزيا وجهويا على أن “الخطر حقيقي وينذر بما لا يحمد عقباه” إذا لم تتضافر جهود الدولة والخواص والمجتمع المدني لجمع الأموال والموارد اللازمة لعملها بداية من السنة القادمة.
وأوشكت المهلة التي أعطتها الفيدرالية لقرى الأطفال في تونس للتعويل على ذاتها وإعداد خطة للتصرف المستقل أن تنتهي، حيث حدد موفى 2019 تاريخا لانقضائها، بما يعني أن هذه القرى مطالبة بتوفير ميزانية لا تقل عن 5 مليون دينار سنويا لتسيير هذه القرى التي يؤمها 400 طفل من فاقدي السند ويستفيد من تدخلاتها 1000 طفل ترعاهم القرى في كنف أسرهم.
وصفت رئيسة جمعية قرى “آس أو آس” تونس أمال بن سعيد كميشة الوضح ب”الحرج جدا”، ودعت وسائل الإعلام الوطنية “للوقوف إلى جانب الأطفال المهددين، خاصة مع استقالة الدولة إلى حد الآن، واقتصار مساهمتها في الدعم على ما دون 1 بالمائة من حاجيات القرى ومستلزمات خدماتها المعيشية والتربوية والصحية والاجتماعية للأطفال الذين ترعاهم”.
وقالت كميشة ان “الوضع الحالي يتسم بالصعوبة جراء محدودية الموارد المادية، فما بالك مع فقدان الدعم الخارجي في الأشهر القليلة المقبلة”، وفق تعبيرها عن شكل وحجم مخاوف الجمعية في الفترة الراهنة، واكدت أنه “جرّاء هذه الصعوبات، تشكو قرية المحرس في الوقت الحالي من غلق جزئي لمنزلين، وغلق لثلاثة منازل بقرية قمرت ولستة منازل كاملة بقرية سليانة وهي نصف طاقة إيواء القرية تقريبا، بما يعني أن عددا مهمّا من الأطفال فاقدي السند تعذرت عملية استقبالهم والعناية بهم صلب القرية”.
و”لعلّ ما ضاعف حيرة المشرفين على قرى الأطفال التونسية” وفق كميشة “الغياب شبه الكلي لتجاوب الجهات الرسمية ومؤسسات الدولة مع الوضع الحرج الذي أضحت تواجهه هذه المنشآت المهيكلة المختصة في رعاية الطفولة، والتي تعد من مفاخر تونس لعقود من الزمن، وأفادت بأن الجمعية “راسلت عديد الجهات الرسمية دون أن تتلقى إجابات إلى حد الآن”.
وتابعت في نبرة تتأرجح بين الأمل واليأس وهي تقول: “الجمعية طرقت عديد الأبواب ومنها رئاسة الحكومة ووزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين ووزارة الشؤون الاجتماعية وحتى وزارة المالية التي طلبنا منها إقرار حوافز جبائية للمتبرعين وخصم مبالغ تبرعاتهم للقرى من الأداء وكذلك مؤسسة دار الإفتاء التونسية التي طلبنا منها إدراج الأطفال المهددين الذين هم في مقام الأيتام من ضمن المستحقين لأموال الزكاة”.
ولم يخف مدير قرية المحرس أشرف السعيدي بدوره توجسه من شبح “المستقبل المخيف” الذي صار يداهم كل يوم اكثر، القرية والأطفال، مع اقتراب مطلع سنة 2020، وعبّر عن خوفه الشديد من أن تفقد هذه المؤسسة ذات الأبعاد الإنسانية النبيلة رصيدا اجتماعيا كبيرا تقوم به حاليا باعتزاز وحب كبيرين، فهي تنفذ برنامجين هامين: الأول يتمثل في استقبال 133 طفلا وشابا من فاقدي السند العائلي تماما (تتراوح أعمارهم بين 7 أشهر ألى 24 سنة)، والثاني يتمثل في توفير الدعم والإحاطة والحماية لأطفال يشكون من الإهمال يصل عددهم إلى 254 طفلا موزعين على 84 عائلة من خلال خدمات غذاء ورعاية تربوية ونفسية واجتماعية.
وذكر السعيدي ان “كل ذلك يستوجب اعتمادات كبيرة تصل إلى مليون و200 ألف دينار سنويا”، واضاف “صرنا مطالبين جميعا كتونسيين دولة وأفرادا وجمعيات بجمعها حتى تواصل القرية نشاطها ولا تضمحل لا قدر الله” بحسب تعبيره.
وعبر رئيس لجنة الدعم قرية “آس أو آس” محرس محمد مقديش، بدوره عن استغرابه من “عدم إدراج قرى الأطفال “آس أو آس” ضمن الجمعيات التي تنتفع بالإعانات والهبات القابلة للطرح كليا من أساس الضريبة على دخل ألاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات كما هو معمول به بالنسبة للعديد من الجمعيات ذات الصبغة الثقافية والاجتماعية وغيرها، وهو ما يحرم هذه القرى من إمكانيات تمويل حقيقية وهامة”.
التعليقات مغلقة.