كوني “عاهرة” و أصمتي
بقلم : حنان عباسي
إهانة المرأة العربية اليوم تجاوزت مسألة المساواة بينها و بين الرجل في مجالات الحياة الأساسية بتشريعاتها و قوانينها . فهي بعيدا عن الصورة التي يُسوّق لها النتقال الديمقراطي دفاعا عن حقوقها و تأكيدا لأهمية دورها في تطور المجتمعات ، و بعيدا أيضا عن الإطار الشرعي الذي يحتجزها الدين فيه بدعوى الحفاظ على كرامتها و إقناعنا بأن وظيفتها الأسمى هي رعاية الأسرة في ظل الأخلاق الحميدة بهدف تنشئة جيل غير ضال .
بعيدا عن تلك الشعارات التي ترفرف في سماء اللا- واقع ، نجد أن المرأة لازالت تكِدّ في دفاعٍ مُستميت يكاد يكون يوميًّا عن جسدها. فظاهرة التحرش الجنسي و قد نظّر لها المُنظرون خاصة منهم الإسلاميون بحصر أسبابها في سلوكيات الأنثى و ملابسها الفاضحة حيث غالبا ما تكون على قولهم سبب فتنة الرجال و دفعهم إلى التحرش بها ، خاصة و أن جمعيات حقوق الإنسان و المدافعة عن المرأة بمطالبتها لإزالة الفوارق بين الرجل و المرأة ثقافيا – كما يدّعون- ضمنت الآنفلات الجنسي بالرضا مع تعميم الاختلاط بينهما و الذي منعه الدين الإسلامي . طبعا هذا إلى جانب عدم الزواج المبكر و مشاهدة الأفلام الإباحية و التربية الخاطئة ، إذا اجتمعت أو لم تجتمع فهي تدفع بالشباب إلى إتيان أفعال غير أخلاقية لتفريغ احتياجاتهم الجنسية .
و السؤال الذي يطرح نفسه و بشدة : هل هذه أسباب تشفع للرجل العربي إهانته لفكر المرأة و تربيتها و ثقافتها بآختزالها في جسد ؟. الإجابة كانت دون تعميم تُشير إلى تواتر النظرة السطحية للأنثى في مجتمع ذكوري تُحرّكه الشهوة و تتحكم في تصرفاته الرغبة . فبعد آستماعنا لشهادات بعض النساء على اختلاف مستوياتهن الثقافية و العلمية ، وجدنا منهُنّ تأَكيدا لتعرضهن و في مواقف متغيرة لتلك النظرات المزعجة التي تشعرك بأنك عارية تماما و الكلمات الإيحائية من رجال لا تتعدى العلاقة بهم مستوى الزمالة أو الشراكة في العمل ،و رغم ذلك فهم لا يرون فيهن سوى مصدر إشباع رغبة حتى و إن ارتدين ملابس محتشمة أو كان الحديث معهم بجدية و احترام يقتضيهما موضوع اللقاء . ”
“شعورٌ بالغضب الشديد ينتابني عندما أكون في قمة الحماس أتحدث عن مشروع فني وضعتُ فيه كل جهدي الفكري و النفسي ، لأجد المنتج أو المخرج قبالتي يسبح في ملل الآستماع إليّ، في حين تنغرس عيونه في لحمي بشراهة حيوان جائع ينتظر مني إشارة صغيرة تُثبت له أني امرأة سهلة الوقوع حتى يوافق على مشروعي مقابل أن أقاسمه غرفة نومه ” بهذا أخبرتنا الممثلة هدى و هي تغص بهذا الواقع و تلفظ فكرة العيش فيه .
فالرجل شابا يعاني الكبت أو زوجا يشكو الملل ، أصبح يسلب المرأة كل حق في العفة و في حرية اختيار شريكها لأنه بطريقة أو بأخرى يفرض هوسه الجنسي عليها ، عذراء كانت أم أرملة أم مطلقة أم متزوجة لا يهم ،فهي تبقى فريسة محتملة لهوسه و يظل في مطاردته لها صيّادا لا يكلّ ، في سبيل أن يُلصق بها تهمة العهر و يتبرأ هو من ذنب تضليلها . و له في قول ماريشال عزاء لسطحيته ” المرأة كتاب مفكك الأوراق، غلافه خيرٌ منه .. فلا عجب إذا فضّل الرجل قراءته ليلا ” كي يصرخ في وجه الأنثى ‘ كوني عاهرة و أصمتي ).
التعليقات مغلقة.