هل تملك تونس و الجزائر حلا للأزمة الليبية؟
بقلم : باسل ترجمان
لم تمنع التطورات التي تشهدها الجزائر بعد نهاية حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وفي انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد، من أن تستعيد الدبلوماسية الجزائرية دورها في المنطقة المغاربية، خصوصاً في الملف الليبي الذي يشهد تطورات متسارعة بعد انطلاق عملية القوات المسلحة العربية الليبية في العاصمة طرابلس ومناطق الغرب الليبي.
في زيارته الأولى خارج الجزائر منذ تعيينه، وصل وزير الخارجية صبري بوقادوم زيارة إلى تونس، الجمعة، بدعوة من نظيره التونسي خميس الجهيناوي لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز رؤية البلدين للتطورات الحاصلة في ليبيا وكيفية التعاطي معها، في ظل غياب التحرك الإقليمي والدولي لوقف الحرب.
نداء مشترك لوقف الحرب
وجّه وزيرا الخارجية التونسي والجزائري نداءً مشتركاً للأطراف الليبية لوقف فوري للاقتتال، حقناً للدماء وتجنيب الشعب الليبي مزيداً من المعاناة، ومراعاة للمصلحة الوطنية العليا.
وشدد الوزيران على أن لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية. وأكدا أهمية عودة الأطراف الليبية إلى الحوار الشامل، والمحافظة على المسار السياسي سبيلاً أوحد لحلّ الأزمة وفقاً لأحكام الاتفاق السياسي، بهدف إنهاء المرحلة الانتقالية وإتمام الاستحقاقات الانتخابية برعاية الأمم المتحدة.
البيان المشترك عكس قلقاً متصاعداً لوزيري خارجية البلدين من انعكاسات الأزمة على الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً مع استمرار تردي الأوضاع في مناطق الغرب الليبي وعودة تدفق أعداد كبيرة من المواطنين الليبيين باتجاه تونس هرباً من المعارك.
دعوة إلى تفعيل المبادرة الثلاثية
اللقاء كان مناسبة لتوجيه دعوة إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري لعقد اجتماع عاجل تحتضنه تونس لوضع آلية للمبادرة الثلاثية وتكثيف الجهود في مختلف الأطر، بهدف وضع حدّ لتدهور الأوضاع الأمنية والعودة سريعاً إلى المسار السياسي، خصوصاً أن مصر تلعب دوراً رئيساً ومحورياً في كل التطورات التي تشهدها ليبيا في هذه المرحلة.
لكن قدرة تونس والجزائر على التدخل في الأزمة الليبية، ونجاحهما في دعوة كل الأطراف إلى وقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات، يعتبرها رافع الطبيب، الأستاذ الجامعي والخبير الإستراتيجي في الشأن الليبي، مجرد دعوات خارج السياق الدولي لدولتين أخطأتا في تقييم الأوضاع، خصوصاً الديناميكية العسكرية والتحالفات الإقليمية والدولية.
يضيف “لا قدرة لدى البلدين في التأثير على الفاعلين الحقيقيين في المشهد الليبي، خصوصاً أنهما أكدا التمسك بمساندة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، الذي أصبح رهينة مجموعات متطرفة يقودها وزير الداخلية فتحي باشاغا، وذلك في إطار سياسة التأكل التي تشهدها المنظومة المنبثقة من اتفاق الصخيرات”.
مخاوف من أزمة إنسانية جديدة
لا تزال تونس تعيش، حتى اليوم، على ذكريات الفترة التي رافقت وتلت سقوط نظام معمر القذافي وهجرة مئات الآلاف من الليبيين ومن جنسيات مختلفة باتجاه تونس.
ويوضح مصطفى عبد الكبير، الناشط الحقوقي والمهتم بالشأن الليبي، أن تونس ستكون أكثر الدول تضرراً في حال تطور الأوضاع نحو الأسوأ. فـ “نحن في حالة طوارئ، وتالياً ستكون هناك تداعيات على المستوى الأمني، خصوصاً في ما يتعلق بملف الإرهاب. كما ستكون هناك مخاوف كبرى من تسرّب أسلحة إلى تونس”.
ويعتبر عبد الكبير أن تونس ستتضرر اقتصادياً، خصوصاً أن هناك أكثر من 550 مصنعاً تونسياً يصدّر إلى ليبيا. كما أن إندلاع حرب أهلية في ليبيا يعني عودة العمال التونسيين إلى بلادهم، وهذا ما سيضاعف من حجم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى الضغط الذي ستواجهه المؤسسات الاستشفائية التونسية، التي ستكون الوجهة الأولى لليبيين.
ونبّه عبد الكبير إلى خطر تسرّب المهاجرين الأفارقة المقيمين في ليبيا إلى تونس، وعددهم يفوق 200 ألف مهاجر، ويسعى عدد كبير منهم إلى الهجرة السرية باتجاه أوروبا، داعياً السلطات التونسية إلى ضرورة وضع خطط لكل الاحتمالات برامج عمل تتماشى مع السيناريوات كافة.
يبدو أن اجتماع وزيري خارجية تونس والجزائر والبيان المشترك الصادر عنهما لا يخرج عن دعوات لا تملك قوة حقيقة فاعلة لتطبيقه أو فرضه بقوة الدبلوماسية على الأطراف المتحاربة بليبيا، في ظل الصمت الدولي.
المصدر : اندبندنت عربية
التعليقات مغلقة.