دعوة بوتين لتحرير الشهداء
بقلم : عمرحلمي الغول
تربط الشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية بالقيادة الروسية تاريخيا علاقات صداقة عميقة. ويعتبر الإتحاد السوفيتي السابق المنهار مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وروسيا الإتحادية حلفاء مهمين، رغم التحولات الدراماتيكية في مركبات الدولة السوفيتية والنظام السياسي، والعودة من النظام الإشتراكي (الشيوعي) إلى النظام الرأسمالي السابق قبل الثورة البلشفية عام 1917، ومع ذلك بقيت أواصر الصداقة مع الروس قائمة، خاصة وأن الإتحاد الروسي يعتبر من الداعمين للحقوق الوطنية الفلسطينية. ولهذا تعول قيادة منظمة التحرير على الدور الروسي في بناء ركائز سلام عادل وممكن ومقبول وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.
ولا يمكن قراءة العلاقات الروسية الفلسطينية خارج دائرة المصالح المتبادلة بين الشعبين والقيادتين والبلدين. فروسيا الإتحادية قطب مركزي في العالم، لا يمكن لإي قوة ان تنكر هذة الحقيقة. والشعب الفلسطيني وقيادته تعي ذلك جيدا جدا، وتحرص على إستمرار الروابط والعلاقات مع القيادات الروسية بمستوياتها المختلفة والمتعاقبة، كما وتسعى ليتبوأ الروس دورا أكبر في صناعة السلام، ليس من زاوية علاقاتهم الديبلوماسية الشكلية مع الدول الشقيقة، انما من زاوية مصالحهم الإستراتيجية في صراعهم مع الأقطاب الأخرى على تقاسم النفوذ في دول العالم، وحرصهم على حماية خاصرتهم الجنوبية، التي تترابع فيها دول العالم العربي، بالإضافة لما تمثله هذة الدول من سوق وثروات ومحور رحى في الصراع مع الغرب الرأسمالي، وايضا من خلال يدهم الطولى في دولة الإستعمار الإسرائيلية عبر وجود حوالي مليون ونصف المليون روسي فيها، وعلاقاتها المتنامية والمتطورة مع الدولة المارقة والخارجة على القانون على المستويات المختلفة بما فيها الأمنية والعسكرية، وحرص القيادة الروسية على إبقاء العلاقات مع إسرائيل دافئة، رغم ان إسرائيل تناصب الروس عدم الوفاء، لإنها الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة، وما علاقاتها معهم إلآ للإعتبارات النفعية المحضة، إلآ ان ذلك لم يغير من المعادلة السياسية الروسية وحساباتها الخاصة، ووفقا لمصالحها.
ولهذا غفرت القيادة الروسية الجريمة الإسرائيلية بإسقاط الطائرة الروسية في تشرين ثاني / نوفمبر 2017، وتسمح للطيران الإسرائيلي بإختراق الأجواء السورية، وقصف المواقع العسكرية دون ضوابط، وعدم تفعيل بطاريات الصواريخ إس 300، وساعدتها بالبحث عن الجنود الإسرائيليين المفقوين في إجتياح لبنان عام 1982، وتمكنت أخيرا من إعادة رفات الجندي الإسرائيلي زخاريا (زكريا) من خلال مراسم عسكرية مبالغ فيها يوم الخميس الماضي الموافق الرابع من أفريل الحالي (2019)، ووعدت بالبحث عن الجنديين الآخرين في منطقة الحدود اللبنانية السورية وخاصة منطقة السلطان يعقوب، التي إحتدمت فيها المعركة بالسلاح الأبيض بين الجيشين السوري والإسرائيلي، وتم السيطرة على إحدى الدبابات الإسرائيلية وعلى متنها ثلاثة جنود، منهم زخاريا.
وبعيدا عن الملاحظات، التي واكبت هذة العملية، التي حملت في ثناياها الكثير من التساؤلات وعلامات الإستفهام، بدءا من السماح للإستخبارات العسكرية الإسرائيلية بالبحث عن رفات الجنود المفقودين طيلة عامين في الأرض العربية، وبالرعاية والحماية الروسية، والوقت، الذي أعلنت فيه القيادتين عن رفات الجندي الصهيوني، وما حملته زيارة نتنياهو عشية الإنتخابات، والثمن المقابل، فإنني أدعو الرئيس بوتين ومعه القيادات الروسية بما لها من تأثير ما على القيادة الإسرائيلية، بأن تطلب من الأخيرة الإفراج الفوري عن الشهداء الفلسطينيين من مقابر الأرقام، والإفراج عن اسرى الحرية من النساء والأطفال والمرضى عموما والشيوخ منهم بشكل خاص، حتى يكون موقفها متوازنا نسبيا. فضلا عن الضغط على حكومة نتنياهو أو اية حكومة جديدة بعد الإنتخابات القادمة في التاسع من أفريل الحالي للإلتزام بمبادىء ومرجعيات عملية السلام، وتثبيت ركائز خيار حل الدولتين على حدود الرابع من جوان 1967.
روسيا الإتحادية بثقلها ووزنها السياسي والعسكري والإقتصادي، وحضورها في إسرائيل القوي تستطيع ان تفعل الكثير من اجل ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وبناء ركائز السلام الممكن والمقبول. وأعتقد أن الرئيس بوتين يستطيع إنجاز أكثر من خطوة إيجابية على صعيد ما تقدم، إن شاء مع اركان قيادته الروسية، إرتباطا بتشابك المصالح بينه وبين إسرائيل على أكثر من مستوى وصعيد. فهل يستجيب للنداء الفلسطيني المشروع والمستند للقانون الدولي، ومرجعيات عمليةً السلام ؟.
التعليقات مغلقة.