بعد بوتفليقة… الجزائريون يرفضون “الباءات” الاربعة
الجزائر – علي ياحي
تواجه الجزائر أول امتحان بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث من المنتظر ان يجتمع البرلمان بغرفتيه لإثبات شغور منصب الرئيس وفق المادة 102 من الدستور، وسط رفض نواب الحضور في حال ترأس عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة للجلسة، وطالبوا برحيله عبر الاستقالة استجابة للشعب الجزائري، ما وضع الجميع أمام حالة ترقب تأرجح بين الاستقالة ومنه السير بهدوء نحو مرحلة انتقالية او تمسك بالمنصب لقيادة البلاد و منه الدخول في فوضى و تصادم قد يستدعي تتدخل الجيش للفصل.
و تشهد الجزائر ساعات حاسمة قد تتضح خلالها ملامح المرحلة الانتقالية، فإذا استقال عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، و تم تعويضه بشخصية توافقية مقبولة لدى الشعب، فان البلاد تتجه نحو الهدوء، من خلال الاستمرار في تطبيق ما جاء في نص المادة 102 من الدستور، أين تقود الشخصية التوافقية البلاد الى غاية إجراء انتخابات رئاسية في مدة أقصاها 90 يوما.
و في حال تمسك عبد القادر بن صالح، برئاسة مجلس الآمة ورئاسة الجلسة البرلمانية، فان الشارع سيتحرك بالتأكيد، و ستتحرك معه المؤسسة العسكرية، لإجبار رئيس مجلس الأمة على الاستقالة وفق المادتين الدستوريتين 7 و 8، التي تنصان على ان الشعب مصدر السلطة. وكانت صحيفة “المجاهد” الحكومية، قد لمحت الى رحيل مرتقب لعبد القادر بن صالح، من على رئاسة مجلس الأمة، وعدم تسلمه مقاليد الحكم خلفا لعبد العزيز بوتفليقة، وفق الدستور، و ذلك تجنبا لتأزيم الوضع في الشارع وكذا تخفيف الضغط على المؤسسة العسكرية، وأوضحت الصحيفة انه سيتم استبداله بشخصية توافقية، تحظى بالقبول في أوساط الشعب والطبقة السياسية والمؤسسة العسكرية، من اجل قيادة المرحلة الانتقالية، مؤكدة ان الشخصية التوافقية يجري التشاور بشأنها بين الطبقة السياسية و الجيش، حيث من المنتظر ان تتم الثلاثاء، استقالة عبد القادر بن صالح بعد جلسة إثبات شغور المنصب، لتقديم الشخصية التوافقية فيما بعد لترأس مجلس الآمة خلفا له، و منه استلام رئاسة البلاد لمدة 90 يوما.
و من اجل تهدئة الأوضاع، قام عدد من المجاهدين والشخصيات المعروفة بعقد لقاء مع رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، من أجل إقناعه بالاستقالة من منصبه، استجابة لرغبة الشارع و تجنبا لمزيد من التصعيد، غير أن بن صالح عبر لضيوفه عن احترامه لمطالب الشعب، و نقل مخاوفه من وضع البلاد أمام مخاطر الفراغ الدستوري. و في ذات السياق، همس مصدر مطلع في حديث لـ”حلقة وصل”، ان عبد العزيز بوتفليقة ما يزال رئيساً للجمهورية حتى جلسة البرلمان بغرفتيه وإعلان الشغور واستيفاء جميع الإجراءات الدستورية، مبرزا ان مقاطعة جلسة الثلاثاء، ستزيد الأمور تعقيدا، وأشار إلى ان الجنرال محمد مدين، المعروف بـ”توفيق”، رئيس جهاز المخابرات سابقا، يسعى إلى عرقلة أي حل دستوري من أجل إحداث الفراغ الدستوري، مضيفا ان هذه الوضعية تدفع المؤسسة العسكرية إلى أخذ زمام المبادرة، والظهور أمام الخارج في شكل انقلابيين، وما يسببه ذلك من متاعب للجزائر.
الجزائر ما بعد رحيل بوتفليقة أكثر تعقيدا، نظر لما نسجه محيطه من خيوط عنكبوتية يصعب تفكيكها، و استمرار الصراع في أعلى هرم السلطة بين محيط بوتفليقة، الذي حاول بشتى الوسائل ربح الوقت، وبين جناح يسارع لطي الصفحة، و عليه فان المرحلة لن تمر بسلاسة، وقد يجد الجيش نفسه في مواجهة خطر خسارة هيبته في حال ارتكب خطوات ناقصة خلال العملية الانتقالية، بل إن المؤسسة العسكرية ترغب في البقاء فوق التجاذبات، مع مرافقة إرادة سياسية صلبة تقود إلى رئيس منتخب بالاقتراع العام وإلى انتخابات حرة ونزيهة.
التعليقات مغلقة.