مذكرة داخلية للستاغ.. الوضع المالي صعب و الشركة على حافة الافلاس
خلصت مذكرة اجتماع مجلس ادارة الشركة التونسية للكهرباء والغاز المنعقدة بتاريخ 18 جانفي 2018 ، الى ان الوضعية المالية للشركة “حرجة ” وبان ذلك يتطلب اجراءات ” عملية وسريعة لتفادي الوقوع في التوقف الكلي عن الخلاص يمكن أن ينجر عنه تبعات سلبية على الشركة”.
وجاء في المذكرة تحليل مالي للخبير المحاسب وليد بن صالح أكد فيه “أن الوضعية المالية للستاغ مختلة جدا وتظهر مؤشرات جدية على الصعوبات التي تتعرض إليها وخاصة إمكانية العجز عن عدم سداد مستحقاتها”.وتابع تحليله مشيرا الى أن وضعية الخزينة تشكو أيضا من عجز قال إنه لافت بديون بنكية على المدى القصير تبلغ 307 مليون دينار واخرى على المدى القصير لدى المزودين الأساسيين للشركة بلغت 718 مليون دينار ليصل مجموع الديون إلى 1563 مليون دينار.
وتتلخص هذه المؤشرات، حسب نفس المصدر ، أساسا في أن الرأس المال العام أصبح سلبيا ما يعني أن الوضعية تعد مختلة بين الأصول على المدى القصير التي تضم ديونا غير مستخلصة بقيمة 1461 مليون دينار إلى موفى نوفمبر 2018. وشدد بن صالح على أن الموارد الذاتية تشكو عجزا قدر بمليار دينار قال ان مردها الخسائر المتراكمة منذ 2011 مبرزا أن الحل لتسوية هذه الوضعية يتمثل في ضخ 2 مليار دينار محذرا من امكانية ان تتسبب الصعوبات المالية للشركة في تشدد مزودي الستاغ والمانحين في منح القروض والمواد الأولية التي قال انه لا يمكن للشركة أن تتأقلم معها وان ذلك قد يكون سببا في حصول نزاعات وإنهاء التعاقد معها.
وعن الحلول المقترحة، جاء في مذكرة اجتماع مجلس إدارة “الستاغ” تأكيد على ضرورة توضيح الرؤية في خصوص تعريفة الكهرباء والغاز لافتة الى”انه كان من المؤمل أن تتمكن الشركة من تحصيل ما يقدر بـ 500 م د كجملة مداخيل الزيادات في تعريفة الكهرباء والغاز المرسمة بميزانية الدولة لسنة 2018 والعمل على صرف الدعم لسنة 2018 المقدر بـ 1690 م د (باعتبار أن منح الدعم التي تم صرفها لا تتعدى 780م د) و 2981 م د بعنوان سنة 2019 إلى جانب التكفل بمستحقات الشركة والتقليص من الفارق التجاري بالإسراع بسداد الديون المتخلدة لدى المؤسسات العمومية”.
واقترحت المذكرة أيضا” استعمال آليات للتوقي من مخاطر الصرف باستعمال آليات تبادل العملات والشراء لأجل إيجاد خط ائتماني لتمويل شراءات الغاز في 2019 في ظل الحجم الكبير لحاجيات الإستغلال بحكم ارتفاع كلفة الطاقة والتي ستبلغ 4996 م د منها قسط كبير بالعملة الصعبة علاوة على استعمال آليات التوقي من مخاطر الشراء”.
وأرجعت الوثيقة أسباب تدهور الوضعية إلى عدم تفعيل قرار تغطية العجز في النتيجة الصافية بالكامل وان ذلك تسبب في عجز متراكم بقيمة 1937 مليون دينار إلى جانب شح العملة في سوق الصرف التونسية وتفاقم مستحقات “الستاغ” المتخلدة لدى الحرفاء إلى موفى نوفمبر 2018 بما قيمته 1461 مليون دينار منها 700 مليون دينار تخص الإدارات والمؤسسات العمومية.
ومن نتائج الوضع تآكل الموارد الذاتية التي تراجعت من 1537 م د سنة 2011 إلى 1000 م د موفى جوان 2018 واعتبرت المذكرة ان ذلك أثر سلبا على مختلف المؤشرات المالية المطلوبة من البنوك الممولة للمشاريع وخاصة منها القدرة على سداد الدين وقيمة الأموال الذاتية (مستوى الأموال الذاتية الأدنى المطلوب 1000 م د).
كما تدهورت وضعية خزينة الشركة وفق ذات الوثيقة بصورة كبيرة حيث تشير التوقعات المالية أنها ستسجل عجزا هاما يقدر ب 1980 م د نهاية ديسمبر 2018 باعتبار مبلغ 1200 م د متحصل عليه كدعم بعنوان سنة 2018 ليصل إلى حدود 5000 م د نهاية ديسمبر 2019 دون احتساب مبلغ الدعم.
وتأكيدا على الوضعية المالية غير المطمئنة للستاغ التي تشغل 12388 عونا وإطارا تفاقم متخلدات المزودين للغاز الطبيعي المحليين والأجانب بالدينار والعملة الأجنبية حيث بلغ موفى السنة الماضية ما قدره 1200 م د.
في سياق متصل ، شدّد الكاتب العام المساعد بالجامعة العامة للكهرباء والغاز باتحاد الشغل منجي خليفة لوكالة تونس افريقيا للانباء ،على أن الوضعية للمالية للشركة “بلغت مستويات محيرة إذ أنها أتت على رأس مالها المحدد بـ 6 مليار دينار ” لافتا الى انها “اليوم في وضعية عجز مربكة وأضحت تقترض من أجل خلاص فوائد القروض البنكية السابقة وليس لغرض الاستثمار بل لسداد فوائض بنكية.
وكشف المتحدث أن القرض الذي تحصلت عليه الشركة مؤخرا (في حدود 462 مليون دينار) من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية تضمن فوائد مجحفة على الستاغ وانه موجه لخلاص فواتير “شركة صوناتراك الجزائرية” و “شال” المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وعدة شركات أخرى وفق روايته.
ولفت منجي خليفة الى أن هناك اتفاق سابق منذ 2015 مع سلطة الإشراف والحكومة يلزم بالتدخل العاجل لإنقاذ الشركة وخلاص ما تخلد بذمتها للمدينين من أجل تخفيف وطأة العجز المالي متهما الحكومة بالاخلال بواجباتها حسب تقديره مشددا على أن رفع يد الحكومة عن الستاغ كان على خلفية املاءات صندوق النقد الدولي في إطار التخلي التدريجي عن المؤسسات العمومية وتهيئتها للخوصصة.
واستظهر المتحدث بوثيقة تبرز عجز خزينة الستاغ المقدر بـ1381 مليون دينار إلى حدود سبتمبر 2018 وهي مبالغ مستوجبة على الشركة لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بقيمة 430 م د ولمؤسسة “شال” بقيمة 268 م د كما تبرز ذات الوثيقة قيمة القروض البنكية قصيرة المدى المطالبة بخلاصها الشركة من ذلك 50 مليون دولار إلى البنك العربي لتونس و 20 مليون دولار إلى الاتحاد الدولي للبنوك و 60 مليون دولار إلى بنك الإسكان.
وأشار المسؤول النقابي في جانب آخر الى أن الستاغ تبيع سعر الكيلواط بأقل من كلفة إنتاجه حيث أن معدل كلفة الكيلواط في ساعة تبلغ 270 مليما والستاغ تبيعه ب 205 مليما بعجز في الكيلواط في ساعة بين 54 و 60 مليما لافتا الى أن انزلاق سعر الدينار كلف الشركة خسارة إضافية بقيمة 1200 مليون دينار عند إقدامها على شراء المحروقات بالأسعار العالمية. وانتقد في هذا الصدد سياسة البنك المركزي التي ترفض مساعدة الشركة على توفير العملة الصعبة لشراء المحروقات مؤكدا أن الشركة تحصل على العملة بالسعر الحقيقي المتداول في السوق دون تمتيعها بأسعار تفاضلية.
كما حمل الحكومة الحالية المسؤولية في الوضعية التي آلت إليها الستاغ مستغربا من أن الحكومات المتعاقبة قامت بمساعدة البنوك العمومية وضخت أموالا ضخمة من أجل مساعدتها والأحرى وفق رأيه اعتماد سياسة متدرجة لإنقاذ الشركة من الوضع المالي الكارثي الذي تعاني منه.
وعلى ضوء المؤشرات المالية للشركة اعتبر منجي خليفة أن الستاغ أصبحت في صميم الإفلاس وأن صكوكها البنكية لا يقع صرفها وان أرصدتها في البنوك شبه فارغة معربا عن تخوفه من إمكانية الوصول إلى مرحلة ستعجز فيها عن صرف أجور أعوانها.
وات
التعليقات مغلقة.