تتساقط منذ أيام كميات هامة من الثلوج خاصة بمنطقتي طبرقة و عين دراهم من ولاية جندوبة و هو ما أدى الى غلق كافة المنافذ المؤدية الى المدينتين أمام الوافدين .
فقد قرّرت اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث، أمس الجمعة 11 جانفي 2019، غلق كافة المنافذ المؤدية إلى طبرقة وعين دراهم انطلاقا من جهة فرنانة باتجاه جندوبة ومن جهة التباينية في اتجاه باجة ومن جهة جاء بالله باتجاه طبرقة.
كما تم منع جولان الشاحنات الثقيلة في عين دراهم تجنبا لمشاكل الاكتظاظ و تعطّل حركة المرور.
و من التناقضات الغريبة التي نجدها في هذه المناطق انها تزخر بثروات مائية وموارد طبيعية إلا أنه في المقابل يعاني اهاليها العطش والفقر والاحتياج والبطالة وغياب المسالك الجبلية التي بإمكانها أن تفك العزلة عنهم و تقلص من عدد العاطلين عن العمل وتخلق موارد التنمية .
و في حين يمثل تساقط الثلوج لدى البعض فرصة لالتقاط الصور بالمرتفعات المكسوة برداء أبيض خلاب ، أو امكانية القيام برياضة التزلج والتمتع بمشاهدة الاشجار والنباتات وأسقف المنازل المغطاة بالثلوج، تتحوّل هذه النعمة الى نقمة لأهل الجهة وخاصة محدودي الدخل والفقراء، وتصبح هذه الثلوج كابوسا لمتساكني المرتفعات الجبلية فتزيد من حجم معاناتهم بغياب ابسط الحاجيات من بنية تحتية وتدفئة واكل ولباس وغيرها من الضروريات و تكشف العورات.
ولعل ما يزيد في حجم المعاناة أن المناطق التي تشهد تساقط الثلوج بكثافة هي المناطق الأكثر فقرا في تونس والأقل تنمية، من جندوبة والكاف الى القصرين وسليانة وغيرها من مناطق الشمال الغربي المنكوبة.
واثبت المسح الذّي قام به المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعيّة أنّ نسب الفقر والبطالة والأميّة في هذه المناطق تمثّل ضعف المعدّلات الوطنيّة ،حيث تتراوح في مدن الشمال الغربي والوسط الغربي بين 30% و40%.
ومن الثابت أن معاناة هذه الفئة السكانية من البلاد التونسية ليست وليدة اللحظة أو حدثا عابرا بل هي معاناة على مدار السنة لتتأزّم شتاء ، إلا أن هذه الحقيقة لا تستحضرها الحكومة الا في هذه الفترة من السنة فتتواتر الزيارات تضامنا و تعاطفا مع ما يعانونه سكان هذه المناطق من لفحات البرد و قلة ذات اليد لمواجهته.
و قد اثارت الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، لولاية جندوبة جدلا واسعا وسخطا لاسيما بعد توزيع اعانات ومساعدات على أهالي منطقة مشراوة بحضور اعلامي كبير الذي اعتبره البعض إهانة لأبناء هذه الجهات المُفقرّة.
و وصف النائب بمجلس النواب عن ولاية جندوبة فيصل التبيني الخميس 10 جانفي 2019 زيارة الشاهد بالزيارة الفلكلورية و حملة انتخابية مفضوحة .
وقال نشطاء ان رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، يواصل استغلال وتوظيف موارد و مكونات الدولة وهياكلها ومؤسساتها في الانتخابات الحزبية والحملات الانتخابية السابقة لأوانها .
و كان الشاهد زار الجهة العام السنة الماضية ووعدهم بتوفير المساكن الا انه لم يفي بأي وعد ممّا ذكره سابقا وفق أهالي الجهة ، حيث اظهر فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأهالي بصدد مناقشة رئيس الحكومة عن الوعود السابقة.
تبقى الزيارات لهذه المناطق المنسية مرتبطة غالبا باقتراب المواعيد الانتخابية فيتذكّر سياسيونا معاناة تونسيون سكنوا الأكواخ و قطعوا الاميال لجمع حزم الحطب تقيهم موجات البرد اللاسع الذي لا قدرة لهم لمجابهته الا بتسلّم مساعدات تأتيهم من عدد من الجمعيات و المنظمات الوطنية .
وفاء دعاسة
التعليقات مغلقة.